المصطفى عليه الصلاة والسلام حيث يقول:"اسمعوا وأطيعوا ولو تأمر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة"، ويقول:"أطع الإمام وإن أخذ مالك وجلد ظهرك".
فرحمهم الله حيث يقولون:"ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر، … ".
فهؤلاء العلماء الأجلاء من أئمة السلف حذروا ومنعوا من الخروج على الإمام وإن جار، فكيف بالخروج عليه لمخالفته في مسائل اجتهادية هو فيها على الصواب، وهي مجال اجتهاد، للمجتهد المخطئ فيها نصيب من الأجر.
لقد حذر الإسلام من الخروج على الإمام لما في الخروج عليه من فتن ومحن وإحن وقاصمة له، ولما فيه من عودة بالإسلام والمسلمين إلى الوراء أعواماً عديدة، وتضييع لجهود بذلت في سبيله كثيرة.
وأمروا -رحمهم الله- بلزوم الجماعة وعدم شق العصا من الطاعة، والموالاة لولي الأمر والطاعة له فيما ليس فيه معصية، بل جعلوا ذلك من صميم المعتقد الصحيح، وقد نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في قاعدة جليلة بعنوان:"قاعدة جليلة في وجوب طاعة الله ورسوله وولاة الأمر" حشد فيها الآيات والأحاديث والآثار عن السلف الصالح في ذلك (١).
(١) وقد طبعت ضمن مجموع الفتاوى (الجزء ٣٥/ ٥ - ١٧) ثم استلها الدكتور/ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر، وحققها وقدم لها بمقدمة نفيسة زادت من فائدة الكتاب وطبعت عدة مرات، وقد أعادت طباعتها الجامعة الإسلامية فجزى الله الجميع خير الجزاء.