وصلى عثمان بالناس أياماً، ولزم الناس بيوتهم، ولم يمنعوا أحداً من كلام، فأتاهم الناس فكلموهم وفيهم عليّ، فقال: ما ردكم بعد ذهابكم، ورجوعكم عن رأيكم؟ قالوا: أخذنا مع بريد كتاباً بقتلنا، وأتاهم طلحة فقال البصريون مثل ذلك، وأتاهم الزبير فقال الكوفيون مثل ذلك، وقال الكوفيون والبصريون: فنحن ننصر إخواننا ونمنعهم جميعاً، كأنما كانوا على ميعاد. فقال لهم عليّ: كيف علمتم يا أهل الكوفة ويا أهل البصرة بما لقي أهل مصر، وقد سرتم مراحل، ثم طويتم نحونا؟ هذا والله أمر أبرم بالمدينة. قالوا: فضعوه على ما شئتم لا حاجة لنا في هذا الرجل، ليعتزلنا. وهو في ذلك يصلي بهم، وهم يصلون خلفه، ويغشى من شاء عثمان وهم في عينه أدق من التراث، وكانوا لا يمنعون أحداً من الكلام، وكانوا زمراً بالمدينة، يمنعون الناس من الاجتماع.
وكتب عثمان إلى أهل الأمصار يستمدهم: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فإن الله عز وجل بعث محمداً بالحق بشيراً ونذيراً، فبلغ عن الله ما أمره به، ثم مضى وقد قضى الذي عليه، وخلف فينا كتابه، فيه حلاله وحرامه، ويبان الأمور التي قدر، فأمضاها على ما أحب العباد وكرهوا، فكان الخليفة أبوبكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه ثم أدخلت في الشورى عن غير علم ولا مسألة عن ملأ من الأمة، ثم أجمع أهل الشورى على ملأ منهم ومن الناس عليّ، على غير طلب مني ولا محبة، فعملت