فإنك إن فعلت وكنت في غار باليمن طلبك الناس، فأبى، وحصر عثمان اثنين وعشرين يوماً، ثم أحرقوا الباب، وفي الدار أناس كثير، فيهم عبد الله بن الزبير، ومروان، فقالوا: ائذن لنا، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليّ عهداً، فأنا صابر عليه، وإن القوم لم يحرقوا باب الدار إلا وهم يطلبون ما هو أعظم منه، فأخرج على رجل يستقتل ويقاتل، وخرج الناس كلهم، ودعا بالمصحف يقرأ فيه والحسن عنده، فقال: إن أباك الآن لفي أمر عظيم، فأقسمت عليك لما خرجت؛ وأمر عثمان أبا كرب - رجلاً من همدان - وآخر من الأنصار أن يقوما على باب بيت المال وليس فيه إلا غرارتان من ورق، فلما أطفئت النار بعدما ناوشهم ابن الزبير، ومروان، وتوعد محمد بن أبي بكر ابن الزبير، ومروان، فلما دخل على عثمان هربا، ودخل محمد بن أبي بكر على عثمان، فأخذ بلحيته، فقال: أرسل لحيتي، فلم يكن أبوك لِيَتَنَاوَلَهَا.
فأرسلها، ودخلوا عليه، فمنهم من يجؤه بنعل سيفه، وآخر يلكزه، وجاءه رجل بمشاقص معه، فوجأه في ترقوته، فسال الدم على المصحف وهم في ذلك يهابون في قتله، وكان كبيراً، وغشي عليه، ودخل آخرون فلما رأوه مغشياً عليه جروا برجله، فصاحت نائلة، وبناته، وجاء التجيبي مخترطاً سيفه ليضعه في بطنه، فوقته نائلة، فقطع يدها، واتكأ بالسيف عليه في صدره وقتل عثمان رضي الله عنه قبل غروب الشمس، ونادى منادٍ: ما يحل من دمه ويحرج ماله، فانتهبوا كل شيء ثم تبادروا بيت المال، فألقى الرجلان المفاتيح، ونجوا، وقالوا: الهرب الهرب، هذا ما طلب