للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جائز إذا كان في بقائها فساد، أو كان فيها ما ليس من القرآن، أو ما نسخ منه، أو على غير نظمه، وقد سلم بذلك الصحابة كلهم (١).

فما أتمه عثمان رضي الله عنه من جمع المصحف وتثبيته وتوحيد رسمه فإنَّ له به أعظم المنة على المسلمين، وبه حقق الله وعده في قوله سبحانه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (٢) وأقر على عمله، وأمضاه برسمه وتلاوته في جميع أمصار ولايته، وبذلك انعقد إجماع المسلمين في الصدر الأول على أن ما قام به من أعظم حسناته، كما أن البغاة أنفسهم الذين عابوا عليه ذلك، كانوا في خلافته وبعدها يقرؤون في مصاحف عثمان التي أجمع الصحابة عليها (٣)

والمقصود من كان منهم على بعض الخير ممن غرر به، أما أولئك المغرضون الزنادقة أمثال ابن سبأ، فلا تتوقع منهم قراءة قرآن، ولا فعل أي عبادة إلا نفاقاً وتستراً بها، وتغريراً لمن لا يعرف حقيقتهم، فإنهم إن قرأوا القرآن فإنهم لا يتجاوز حناجرهم كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصفه للخوارج.

ويظهر من قصة جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه مدى فهم الصحابةرضي الله عنهم لآيات النهي عن الاختلاف، حيث إن الله


(١) ابن العربي، العواصم من القواصم (٨٣).
(٢) سورة الحجر، الأية (٩).
(٣) ذكر ذلك محب الدين الخطيب، العواصم والقواصم (ص: ٨٢) حاشية (٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>