الخامس: قال ابن بطال: "الوجه الصحيح في ذلك أن عثمان وعائشة رضي الله عنهما كانا يريان أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصر؛ لأنه أخذ بالأيسر من ذلك على أمته، فأخذا لأنفسهما بالشدة".
قال الحافظ:"وهذا رجحه جماعة من آخرهم القرطبي، لكن الوجه الذي قبله (١) أولى لتصريح الراوي بالسبب".
والذي يظهر لي -والله أعلم- أن اختيار الحافظ ابن حجر اختيار قوي تدل عليه الروايات المقبولة.
وهو: أن عثمان رضي الله عنه أتم ليعلم الأعراب أن الصلاة الرباعية أربعاً، وفعل ذلك في منى؛ لأنه مقيم فيها نوع إقامة، وغير جاد في السير، وبذلك يتوفق بين القولين الثالث والرابع.
وقال الحافظ معلقاً على قول ابن مسعود:"فليت حظي من أربع ركعتان": قال الداودي: خشي ابن مسعود أن لا تجزئ الأربع فاعلها، وتبع عثمان كراهة لخلافه، وأخبر بما يعتقده.
وقال غيره: يريد أنه لو صلى أربعاً تكلفها، فليتها تقبل الركعتان.
والذي يظهر أنه قال ذلك على سبيل التفويض إلى الله، لعدم اطلاعه على الغيب، وهل يقبل الله صلاته أو لا؟ فتمنى أن يقبل منه الأربع التي يصليها ركعتين ولم يقبل الزائد.
وهو يشعر بأن المسافر عنده مخير بين القصر والإتمام، والركعتان لا