للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٠٧ - وكذلك إِذا جَعَلُوا المعنى يُتَصَوَّرُ من أجلِ اللفظِ بصورةٍ، ويبدو في هيئةٍ، ويتشكَّل بشكلٍ يُرجِع المعنى في ذلكَ كلِّه إِلى الدلالاتِ المعنوية، ولا يصلُح شيءٌ منه حيثُ الكلامُ على ظاهرهِ، وحيثُ لا يكون كناية ولا تمثل ولا استعارةٌ١، ولا استعانةٌ في الجملةِ بمعنىً على معنًى، وتكونُ الدلالةُ على الغَرض مِنْ مجرَّد اللفظِ، فلو أَنَّ قائلاً قال: "رأيتُ الأسَدَ"، وقال آخرُ: "لَقِيتُ الليثَ"، لم يَجُزْ أن يقال في الثاني انه صورالمعنى فيغير صورتِهِ الأُولى، ولا أنْ يُقال أبرزَهُ في معرضٍ سِوى معرضِه، ولا شيئاً من هذا الجنسِ.

وجملةُ الأمر أنَّ صُوَرَ المعاني لا تتغيَّر بِنَقْلها من لفظٍ إلى لفظٍ، حتى يكونَ هناك اتساعٌ ومجازٌ، وحتى لا يُرادَ منَ الألفاظِ ظواهرُ ما وُضِعَتْ له في اللغة، ولكنْ يُشارُ بمعانيها إِلى معانٍ أُخَرَ.

٣٠٨ - واعلمْ أن هذا كذلكَ ما دامَ النظْمُ واحداً، فأمَّا إِذا تغيَّر النظْمُ فلا بدَّ حينئذٍ من أنْ يتغيَّر المعنى، على ما مضى منَ البيانِ في "مسائلِ التقديمِ والتأخيرِ"٢، وعلى ما رأيت في المسئلة التي مضَت الآنَ٣، أعني قولَك: "إنَّ زيداً كالأسد"، و "كأن زيداً الأسدُ"، ذاكَ لأَنَّه لم يتغيَّر من اللفظِ شيءٌ، وإِنَّما تغيَّرَ النظمُ فقط. وأما فتْحُكَ "أَنْ" عندَ تقديم الكاف وكانتْ مكسورةً فلا اعتدادَ بها، لأنَّ معنى الكَسْرِ باقٍ بحاله.


١ في المطبوعة: "وحيثُ لا يكونُ كنايةٌ وتمثيلٌ به ولا استعارة"، وهو فاسد.
٢ انظر ما سلف برقم: ٩٨، وما بعده.
٣ انظر ما سلف قريبًا رقم: