نكون، ولو كان "لَم يكَدْ" يُوجِب وجودَ الفعلِ، لكان هذا الكلام متهم مُحالاً جارياً مَجْرى أن تقولَ:"لم يَرَها ورآها"، فاعرفْه.
٣٢٠ - وههنا نكتةٌ، وهي أنَّ "لم يكد" فيالآية والبيت واقع في جواب "إذا"، والمضاي إِذا وقَعَ في جوابِ الشرطِ على هذا السبيلِ، كان مستقبَلاً في المعنى فإِذا قلتَ:"إِذا خرجْتَ لمْ أخرُجْ"، كنتَ قد نفَيْتَ خروجًا فيما سيتقبل. وغّا كان الأَمر كذلكَ، استحالَ أن يكونَ المعنى في البيتِ أو الآيةِ على أنَّ الفعلَ قد كانَ، لأنه يؤدِّي إِلى أن يجيءَ "بلم أفعلْ" ماضياً صريحاً في جوابِ الشرطِ فتقول: "إِذا خرجتَ لم أخرجْ أمسِ"، وذلك محالٌ. ومما يتَّضِحُ فيه هذا المعنى قولُ الشاعر:
وراحَ عليهنَّ ذو هَيْدَبِ ... ضعيفُ القُوى، ماؤهُ زاخِرُ
إذا رامَ نَهْضاً بها لَمْ يَكَدْ ... كذِي الساقِ أَخْطأَها الجابِرُ١
٣٢١ - وأعودِ إِلى الغرضِ. فإِذا بلغَ من دقةِ هذه المعاني أنْ يَشْتَبهِ الأمرُ فيها على مثْل خَلَفٍ الأحمرِ وابنِ شُبرمة، وحتى يشْتبهِ على ذي الرُّمة في صواب قاله، فيرى أنه غير صواب، فمنا ظنك بغيرهم؟ وما يعجبك من أن يكثر التخليط فيه؟
١ أذكر الشعر، ولكن لا أدري أين هو. يصف سحابًا، وهو "المرتجز الباكر"، و "المرتجز" السحاب المتتابع الرعد، يكون بطيء الحركة لكثرة مائة. و "الباكر"، السحاب الذي يأتي من أخر الليل عند السحر.