للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٢٦ - واعلمْ أنَّه يَلزَمُ مَنْ شكَّ في هذا فتوهَّمَ أنَّه يجوزُ أن تقولَ: "لم أرَ القومَ كلَّهم"، على معنى أنك لم تَرَ واحداً منهم١ أن يُجْريَ النهيَ هذا المَجرى فتقولَ: "لا تَضْرب القومَ كلَّهم"، على معنى لا تضْربَ واحداً منهم وأن تقولَ: "لا تَضْربِ الرجلَيْن كليهما"، على معنى لا تَضْرِبْ واحد منهما. فإِذا قال ذلك لَزِمه أن يُحيلَ قولَ الناس٢: لا تَضْرِبْهما معاً، ولكنِ اضْرِبْ أحدهما"، و "لا تأخذهما جميعًا، لكن واحداً منهما"، وكفى بذلك فساداً.

٣٢٧ - وإذْ قد بانَ لَكَ من حالِ النَّصْب أنه يقتضي أن يكونَ المعنى على أنه قد صنَعَ منَ الذنبِ بعْضاً وتركَ بعضاً٣، فاعلمْ أنَّ الرفعَ على خلافِ ذلك، وأنه يقتضي نفْيَ أن يكونَ قد صَنَع منه شيئاً، وأتى منه قليلاً أو كثيراً وأنك إِذا قلتَ: "كلُهم لا يأتيك"، و "كلُّ ذلك لا يكونُ"، و "كلُّ هذا لا يَحْسُن"، كنتَ نَفَيْتَ أن يأتِيَه واحدٌ منهم، وأبيْتَ أن يكونَ أو يَحْسُنَ شيءٌ مما أشرتَ إِليه.

٣٢٨ - ومما يشهدُ لكَ بذلك من الشّعرِ قولُه:

فكيفَ؟ وكلٌّ ليسَ يَعْدُو حِمَامَه ... ولا لامرئٍ عما قضى الله مزحل٤


١ السياق: "واعلمْ أنَّه يَلزَمُ مَنْ شكَّ في هذا .... أن تجري النهي".
٢ في المطبوعة وحدها: "أن يختل قول الناس"، ومعنى "يحيل"، أي يجعله محالًا.
٣ رجع إلى القول في "علي دنبا كله لم أصنع"، رقم: ٣٢٢، وما بعده.
٤ هو شعر إبراهيم بن كنيف النبهاني، شرح حماسة التبريزي ١: ١٣٦، وأمالي القالي ١: ١٧٠، وهي عند الهجري في النوادر والتعليقات منسوبًا لبكر بن النطاح. و "مزحل"، مصدر ميمي من "زخل"، إذا تباعد، يعني ليس منه مهرب.