للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: قصورة المعنى إذن صورته إذا وضعت الكلام "بإنما" فقتلت: "إِنما هو قائمٌ"، ونحنُ نَرى أنَّه يجوزُ في هذا أن تَعْطِفَ "بلا" فتقول: "إنما هو قائمٌ لا قاعدٌ"، ولا نرى ذلك جائزًا مع "ما" و "إلا" إذْ ليس من كلام الناس أَن يقولوا١: "ما زيدٌ إِلاّ قائمٌ لا قاعدٌ".

٢فإنَّ ذلك إِنما لم يَجُزْ مِن حيثُ إنَّكَ إِذا قلتَ: "ما زيدٌ إلاَّ قائمٌ"، فقد نفيتَ عنه كلَّ صفةٍ تُنَافي "القيامَ"، وصرتَ كأنك قلتَ: "ليس هو بقاعدٍ ولا مضطجِعٍ ولا متكئٍ"، وهكذا حتى لا تدَعَ صفةً يخرجُ بها من "القيامِ". فإِذا قلتَ مِن بَعْد ذلك "لا قاعد"، كنتَ قد نفيْت "بلا" العاطفةِ شيئاً قد بدأْتَ فنفَيْتَه، وهي موضوعةٌ لأنْ تنفي بها ما بدأت فأوجبته، لالأن تُفيدَ بها النفيَ في شيءٍ قد نَفيتَه. ومن ثَمَّ لم يَجُزْ أنْ تقولَ: "ما جاءني أحدٌ لا زيدٌ"، على أنْ تعْمَد إلى عبض ما دَخل في النفيِ بعمومِ "أحدٍ" فتنفيَه على الخُصوص، بل كان الواجِبُ إِذا أردتَ ذلك أنْ تقولَ: "ما جاءني أحدٌ ولا زيد"، فتجيء "البواو" من قبل "لا"، حتى تخرج بذلك على أن تكونَ عاطفةً، فاعرفْ ذلك.

٤١١ - وإذْ قد عرفْتَ فسادَ أن تقولَ: "ما زيدٌ إلاَّ قائمٌ لا قاعدٌ"، فإِنَّك تَعْرِفُ بذلك امتناعَ أن تقولَ: "ما جاءني إِلا زيدٌ لا عمرو" و "ما ضربتُ إِلا زيداً لا عمراً" وما شاكَلَ ذلك. وذلك أَنك إِذا قلْتَ: "ما جاءني إلاَّ زيدٌ"، فقد نفَيْتَ أنْ يكونَ قد جاءك أَحدٌ غيرُه، فإذا قلت:


١ في "س"، ونسخة عند رشيد رضا: "في الكلام".
٢ "فإن ذلك" هو جواب من قال: "فصورة المعنى إذن ... ".