للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكونُ قاصداً أن يَعْلَم، نعوذ بالله تعالى، أن مع الله تعالى إلهاً آخر؟ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً١، وكفى بهذا فضيحة.

٦٢٣ - وجملةُ الأمرِ، أنه ينبغي أنْ يقالَ لهم: أتشكُّونَ في أنه لا بُدَّ منْ أَن يكونَ لخبر المخبر معنى يعلمُه السامعُ علماً لا يكونُ معه شكٌّ، ويكون ذلكَ معنى اللفظِ وحقيقته؟

فإِذا قالوا: لا نشكُّ.

قيل لهم: فما ذلك المعنى؟

فإِن قالوا: هو وجودُ المعنى المخبرَ به مَن المخبر عنه أو فيه، إِذا كان الخبرُ إِثباتاً، وانتفاؤه عنه إِذا كان نفياً لم يمكنهم أن يقولوا ذلك إِلاّ من بعد أن يكابروا فيدعوا أنهم إذا مسعوا الرجلَ يقولُ: "خرجَ زيدٌ"، علموا علماً لا شَكَّ معه، وجودَ الخروج من زيد. وكيف يدَّعون ذلكَ، وهو يقتضي أن يكونَ الخبرُ على وفق المخبر عنه أبدًا، وأنه لا يجوزَ فيه أن يقع على خلافِ المخبر عنه، وأن يكونَ العقلاءُ قد غَلِطوا حين جعلوا من خاص وصفه أن يحتملُ الصدقَ والكذبَ، وأن يكونَ الذي قالوه في أخبارِ الآحادِ وأخبارِ التَّواترِ٢ من أنَّ العلم يقع بالتواتر دون دونَ الآحادِ سَهواً منهم، ويقتضي الغنى عن المعجزة، لأنه إنما احتيج إليها لي حصل العلم يكون الخبر على وِفْق المخبَرِ عنه، فإِذا كان لا يكون إِلاّ على وفقِ المخبر عنه، لم تقع الحاجة إلى دليل بدل على كونه كذلك، فاعرفه.


١ قوله: "آخر، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً"، ليس في "ج".
٢ هذا إشارة إلى مقالة المعتزلة في شأن أخبار الآحاد.