وقال مالك بن الحويرث:«كان رسول الله ﷺ إذا كان في وترٍ من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدًا»(١). فهذه تُسَمَّى جلسة الاستراحة، ولا ريب أنَّه ﷺ فعلها، ولكن هل فَعَلها على أنَّها من سنن الصَّلاة وهيئاتها كالتَّجافي وغيره، أو لحاجته إليه لما أسنَّ وأخذه اللَّحم؟ وهذا الثَّاني أظهر؛ لوجهين: أحدهما: أنَّ فيه جمعًا بينه وبين حديث وائل بن حجر، وأبي هريرة:«أنَّه كان ينهض على صدور قدميه». الثَّاني: أنَّ الصَّحابة الذين كانوا أحرص النَّاس على مشاهدة أفعاله وهيْئات صلاته كانوا ينهضون على صدور أقدامهم؛ فكان عبد الله بن مسعود يقوم على صُدُور قدميه في الصَّلاة، ولا يجلس.
قوله:«وقال مالك بن الحويرث: «كان رسول الله ﷺ إذا كان في وترٍ من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدًا». فهذه تُسَمَّى جلسة الاستراحة … » عطية العوفي ضعيف المؤلف يختار أنه لا يجلس للاستراحة، وهو قول أكثر أهل العلم:
أولاً: أن أكثر الذين وصفوا صلاة النبي ﷺ لم يذكروا هذه الجلسة.
ثانياً: حديث أبي حميد في صفة صلاته ﷺ، وفيه:«أنه قام ولم يتورك»، رواه أبو داود، وإسناده ضعيف.
ثالثاً: حديث أبي هريرة ﵁«أن النبي ﷺ كان ينهض على صدور قدميه»، رواه الترمذي، والبيهقي، وضعَّفه بخالد بن إياس ﵁.
رابعاً: أن أقرب الصحابة وألزمه صحبة للنبي ﷺ وأشدهم اقتفاء له لم يكونوا يجلسون هذه الجلسة، كابن عباس، وابن عمر، وابن مسعود، وابن الزبير،