للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والده وجده؟ أو هل ذهب في مهمة لدى محمد علي في عهد حسين باشا كما ذهب من قبل في مهمة لدى سلطان المغرب؟ أو هل أخذته قدماه إلى الآستانة في مهمة لدى السلطان محمود الثاني الذي ستجده يتحدث عن مآثره ومآثر أجداده في كتابه؟ كل هذه أسئلة يمكن طرحها في هذا المجال ما دام الغموض يكتنف هذه الفترة من حياته. وسيظل الجواب على هذه الأسئلة مرهونا باكتشاف ما تضمره الأيام عنه (*).

ومهما يكن الأمر فإن الوثائق تكشف عن أن ابن العنابي كان قد حل بتونس (٣٨) في أواخر سنة ١٢٤٤ م وظل بها فترة من الوقت لا ندري مداها، ويبدو أنه قد غادرها إلى الجزائر في بداية سنة ١٢٤٥. وكان حلوله بتونس أثناء عودته من الحج، وهو الحج الثاني له، وقد يكون الثالث أو الرابع لأن عبارة (الحاج) قد وردت مرفوقة باسمه قبل هذا التاريخ بكثير. وإذا قارنا التاريخين: تاريخ وجوده بمصر (سنة ١٢٤٢) وتاريخ وجوده بتونس (١٢٤٤) فإنه يكاد يكون من المؤكد أن ابن العنابي لم يكن في الجزائر بين التاريخين. ومعنى ذلك أنه كان يعيش في المشرق خلال فترة حرجة كما نبهنا إلى ذلك في البداية. ونحن ندري الآن أنه كان أثناء ذلك في مصر والحجاز، ولكننا لا ندري ما إذا كان قد زار من جديد إسطانبول أيضا أو غيرها من البقاع الإسلامية. ويكشف وجوده بتونس عن تاريخ عودته إلى الجزائر (٣٩) ولكنه لا يكشف عن تاريخ خروجه منها. فمتى خرج يا ترى؟ ذلك ما لا نستطيع تأكيده غير أننا ما زلنا نميل إلى ما كنا خمناه من أنه قد يكون مغضوبا عليه في بلاده فاختار العيش في المشرق فترة من الوقت، بين ١٢٣٥ و ١٢٤٤.

وقد أقام ابن العنابي في تونس مجعززا مكرما. فقد أحاط به العلماء الذين


(*) انظر المدخل الجديد ففيه بعض أجوبة على هذه الأسئلة.
(٣٨) مخطوط رقم ٥٢٩، المكتبة الوطنية - تونس.
(٣٩) بالنسبة لتاريخ العودة يدل عليه ما جاء في المخطوط من أن ابن العنابي قدم إلى تونس راجعا من الحج (ومتوجها إلى بلده الجزائر وهي إذ ذاك دار إسلام) والعبارة الأخيرة تدل على أن الكاتب كتبها بعد احتلال فرنسا للجزائر. نفس المخطوط.

<<  <   >  >>