يسعدني أن تصدر هذه الطبعة فى المشرق ليتعرف إخواننا الباحثون والطلبة على شخصية فكرية سابقة لوقتها من علماء الجزائر. لقد صدرت الطبعة الأولى في الجزائر ولم توزع خارجها فحرم باحثو النهضة الإسلامية ودارسو الصحوة الإصلامية بمفهومها القديم والحديث، من معرفة الدور الذي قام به بعض الرواد في هذا المجال.
لقد دعا ابن العنابي إلى التجديد الإسلامي وإلى الصحوة منذ ١٨٢٦ في كتاب ألفه في مصر بعنوان (السعي المحمود في نظام الجنود). ورجع بعد ذلك إلى وطنه الجزائر فإذا بهذا الوطن يقع فريسة للاحتلال الفرنسي (١٨٣٠). وقد سارع الفرنسيون بنفي ابن العنابي من وطنه الأول فحل في وطنه الثاني (مصر) حيث قضى بقية حياته مفتيا في الاسكندرية إلى وفاته منة ١٨٥٠ - ٥١. فهو ضحية فكره ومساعيه من أجل تحرير قومه من الخرافات والأوهام والتخلف، وهو أيضا ضحية الاحتلال الفرنس لبلاده.
كم من مؤلفات ألفت عن الطهطاوي والبستاني واليازجي والأفغاني إلخ ولكن إذا عرفنا أن هؤلاء جميعا ظهروا بعد ابن العنابي بفترة غير قصيرة، ندرك الإجحاب الذي وقع في حق هذا الرجل. ولعل السبب يعود إلى أن كتابه ظل مخطوطا فى مكتبات مصر وإسطنبول، وان الجزائريين كانوا محرومين من نعمة الحرية والعلم تحت الاستعمار الأجنبي، فبقي الرجل وبقي عمله غير معروفين للباحثين. وقد بدأت في تسليط الضوء على دور ابن العنابي منذ منتصف