للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجهاد الكفار وإرهابهم، مستدلا على ذلك بحديث البيعة مع الأنصار، وتحدث عن واجب الإمام في مثل هذه الأحوال، وعن الجهاد الواجب والمستحب. وعرف ترتيب الجند (١٨) بأنه (تنزيل كل منهم في خصوص مرتبة تليق به بحسب ما له من خصال) وهذا هو معنى الجدارة والاستحقاق في نظم اليوم، فالتفضيل هنا بحسب الكفاءة لا بحسب المال أو الجاه. ومما تجدر ملاحظته بهذا الصدد أنه قال إن هذا التصتيف يطابق الآية الكريمة {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}، مفسرا العلم هنا بأنه جنس العلم (الشامل لكل علم شرعي وكل علم له ثمرة تتعلق بإقامة أمر شرعي). وهذا طبعا اجتهاد منه قصد به تأييد رأيه في جواز تعلم العلوم من الأجانب إذا كان فيها منفعة للإسلام وأهله. وقد أضاف بأن العالم بفنون الحرب يستوي مع العالم بأمور الشرع. بل إنه اعتبر العلم بفنون الحرب من العلوم الشرعية، قائلا (فمن العلوم الشرعية العلم بكيفية الحرب، وعلمه وتدبير أمره. وتصريف حيله بهذه المثابة (أي من العلوم الشرعية) إذ لا تكاد تتم إقامة الجهاد المفروض إلا به. فالعالم به مندرج في عموم علماء الشرع) (١٩) ويشترط في الجندي أن يكون شجاعا، ولكن غير متهور، لأن الشجاعة فضيلة ترشح صاحبها لقيادة الجنود، أما التهور، وهو الخروج عن حد الشجاعة، فمذموم ولا يصلح المتصف به لرياسة الجند (إذ ربما غرر بهم فألقى بهم إلى التهلكة) (٢٠). وبعد توفر الشجاعة يصنف الجند، في نظر المؤلف، على حسب الفضيلة والغنى. وقد عمم هذه القضية فقال إنه (ينبغي أن يراعى ذلك (أيضا) في تدوين الدواوين وتوفر العطايا) معتمدا في ذلك على سيرة الخليفة عمر بن الخطاب.

وعندما تحدث عن تصنيف الجند (٢١) أورد كلاما يعتبر اليوم، وفي عصر القوميات، محل نظر. فقد قال بأن تصنيف الجند يعني جعل كل صنف منهم


(١٨) نفس المصدر، الفصل الثاني.
(١٩) نفس المصدر، ص ١٨.
(٢٠) نفس المصدر، ص ٢١.
(٢١) نفس المصدر، الفصل الثالث.

<<  <   >  >>