للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حديث صحيح الإسناد. وقد علق عليه بقوله (ففي هذا الحديث الكريم منقبة عظيمة ومأثرة جسيمة لآل عثمان اختصوا بها من بين سائر ملوك الإسلام). ولكي تتم الصورة التي وضعها ابن العنابي لآل عثمان اعتبر محاولات الأمويين والعباسيين (العرب) لفتح القسطنطينية مجرد مناوشات. أما الفتح الحقيقي لها فهو الذي تم على أيدي آل عثمان. فالمقصود إذن من كلمة (أمير) المبشر به في الحديث هو (أبو الفتوحات محمد) (محمد الفاتح) وأنها بعد ذلك تعم كل خلفائه سلاطين (أمراء) آل عثمان.

ولا نعتقد أن ابن العنابي أتى بجديد حول هذه النقطة، لأن الموضوع قد أخذ به كل المؤيدين للدولة العثانية خوفا أو طمعا أو اقتناعا، ولكن الجديد في الموضوع هو انتماء ابن العنابي إلى هذه الطائفة والأخذ برأيهم. ولعل ابن العنابي يفترق على هؤلاء في توجيهه النصح إلى القائمين عندئذ على شؤون هذه الدولة بأن يكونوا أقوياء وأن يراعوا حرمة وحق الرعية وأن يسيروا على هدى الصالحين من سلفهم، لأن ذلك هو سر وجودهم وسر بقائهم أيضا. وهذه عبارته (فعلى القائم منهم (٣٣) أن يعرف بحق رتبة شرفه فيجري عش طريقة الأكرمين من سلفه، فإن بذلك سعادة الدنيا والآخرة) (٣٤) ولا شك أن هذا من المؤلف موقف سليم، فهو يظهر النواحي الإيجابية لهذه الدولة ورجالها ويحذر من النواحي السلبية التي قد يكون فيها خرابها ونهايتهم كما كانت الدولة العباسية وخلفاؤها. ولذلك أيضا نصح باتباع الرحمة، وتوفير العدل، ومراعاة حقوق الضعفاء. ولأمر ما أورد بعد ذلك مباشرة حديثه عن اجتماع الكلمة والاتفاق (٣٥)، مكتفيا فيه بتفسير قوله تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} ناقلا في ذلك عن غيره، دون أن يكون له أي أثر أو رأي.

أما الموضوع الرئيسي الثالث والأخير فقد خصصه للحديث عن (جواز


(٣٣) يعني بدون شك السلطان محمود الثاني.
(٣٤) السعي المحمود، ص ٩٢.
(٣٥) نفس المصدر، الفصل ١٥.

<<  <   >  >>