للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبيه وهو جالس، فساره، فقال له ابن زياد: ما قال لك؟ قال: أخبرني أن ابن عقيل في دار من دورنا، فنخسه ابن زياد بالقضيب في جنبه ثم قال: قم فأتني به الساعة.

قال أبو مخنف: فحدّثني قدامة بن سعد بن زائدة الثقفي «١» . أن ابن زياد بعث مع ابن الأشعث ستين أو سبعين رجلا كلهم من قيس، عليهم [عمرو بن] «٢» عبيد الله بن العباس السلمي حتى أتوا الدار التي فيها ابن عقيل، فلما سمع وقع حوافر الخيل وأصوات الرجال، عرف أنه قد أتى فخرج إليهم بسيفه، فاقتحموا عليه الدار، فشد عليهم كذلك «٣» ، فلما رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق السطوح وظهروا فوقه، فأخذوا يرمونه بالحجارة، ويلهبون النيران في أطنان القصب ثم يقذفونها عليه من فوق السطوح فلما رأى [ذلك] قال: أكلما أرى من الإجلاب لقتل ابن عقيل؟ يا نفس اخرجي إلى الموت الذي ليس منه محيص، فخرج- رضوان الله عليه- مصلتا سيفه إلى السكة، فقاتلهم، فأقبل عليه محمد بن الأشعث فقال: يا فتى، لك الأمان، لا تقتل نفسك. فأقبل يقاتلهم وهو يقول «٤» :

أقسمت لا أقتل إلّا حرّا ... وإن رأيت الموت شيئا نكرا

أخاف أن أكذب أو أغرّا ... أو يخلط البارد سخنا مرّا

ردّ شعاع الشمس فاستقرا «٥» ... كل امرئ يوما ملاق شرّا

قال له محمد بن الأشعث: إنك لا تكذب ولا تغر، إن القوم ليسوا بقاتليك ولا ضاربيك، وقد أثخن بالجراح وعجز عن القتال فانبهر وأسند

<<  <   >  >>