خيرا من أهل بيتي، فجزاكم الله خيرا فقد آزرتم وعاونتم «١» ، والقوم لا يريدون غيري، ولو قتلوني لم يبتغوا غيري أحدا، فإذا جنّكم الليل فتفرقوا في سواده، وانجوا بأنفسكم.
فقام إليه العباس بن علي أخوه، وعلي ابنه، وبنو عقيل، فقالوا له:
معاذ الله والشهر الحرام، فماذا نقول للناس إذا رجعنا إليهم، إنا تركنا سيدنا، وابن سيدنا وعمادنا، وتركناه غرضا للنبل، ودريئة للرماح، وجزرا للسباع، وفررنا عنه رغبة في الحياة، معاذ الله، بل نحيا بحياتك، ونموت معك، فبكى وبكوا عليه، وجزاهم خيرا، ثم نزل- صلوات الله عليه-.
فحدّثني عبد الله بن زيدان البجلي، قال: حدّثنا محمد بن زيد التميمي، قال: حدّثنا نصر بن مزاحم، عن أبي مخنف عن الحرث بن كعب، عن علي بن الحسين قال «٢» :
إني والله لجالس مع أبي في تلك الليلة، وأنا عليل، وهو يعالج سهاما له، وبين يديه جون مولى أبي ذر الغفاري، إذ ارتجز الحسين:
يا دهر أف لك من خليل ... كم لك في الإشراق والأصيل
من صاحب وماجد قتيل ... والدهر لا يقنع بالبديل
والأمر في ذاك إلى الجليل ... وكل حي سالك السبيل
قال: وأما أنا فسمعته ورددت عبرتي.
وأما عمتي فسمعته دون النساء فلزمتها الرقة والجزع «٣» ، فشقت ثوبها، ولطمت وجهها، وخرجت حاسرة تنادي: واثكلاه! وا حزناه! ليت الموت أعدمني الحياة، يا حسيناه يا سيداه، يا بقية أهل بيتاه، استقلت ويئست من الحياة اليوم مات جدي رسول الله (ص) ، وأمي فاطمة الزهراء، وأبي علي،