رأيت رجلا من بني أبان بن دارم أسود الوجه، وكنت أعرفه جميلا، شديد البياض، فقلت له: ما كدت أعرفك، قال: إني قتلت شابا أمرد مع الحسين، بين عينيه أثر السجود، فما نمت ليلة منذ قتلته إلّا أتاني فيأخذ بتلابيبي حتى يأتي جهنم فيدفعني فيها، فأصيح، فما يبقى أحد في الحي إلّا سمع صياحي.
قال: والمقتول العباس بن علي- عليه السلام-.
قال المدائني. فحدثني مخلد بن حمزة بن بيض، وحباب بن موسى، عن حمزة بن بيض، قال حدثني هانئ بن ثبيت القابضي زمن خالد، قال: قال:
كنت ممن شهد الحسين، فإني لواقف على خيول إذ خرج غلام من آل الحسين مذعورا يلتفت يمينا وشمالا، فأقبل رجل «١» منا يركض حتى دنا منه، فمال عن فرسه، فضربه فقتله.
قال: وحمل شمر- لعنه الله- على عسكر الحسين، فجاء إلى فسطاطه لينهبه، فقال له الحسين: ويلكم، إن لم يكن لكم دين فكونوا أحرارا في الدنيا، فرحلى لكم عن ساعة مباح، قال: فاستحيا ورجع.
قال: وجعل الحسين يقاتل بنفسه، وقد قتل ولده وإخوته وبنو أخيه وبنو عمه فلم يبق منهم أحد، وحمل عليه ذرعة بن شريك- لعنه الله-، فضرب كتفه اليسرى بالسيف فسقطت- صلوات الله عليه-. وقتله أبو الجنوب زياد بن عبد الرحمن الجعفي، والقثعم، وصالح بن وهب اليزني وخولى بن يزيد، كل قد ضربه وشرك فيه.
ونزل سنان بن أنس النخعي فاحتز رأسه.
ويقال: إن الذي أجهز عليه شمر بن ذي الجوشن الضبابي لعنه الله.
وحمل خولي بن يزيد رأسه إلى عبيد الله بن زياد.
وأمر ابن زياد- لعنه الله، وغضب عليه- أن يوطأ صدر الحسين، وظهره