فقال: ما لذلك أجزع، ولكني كأني بعبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان حين أموت، قد جاء في مضرّجتين أو ممصرتين «١» ، وقد رجّل جمّته، يقول: أنا من بني عبد مناف جئت لأشهد ابن عمي، وما به إلّا أن يخطب فاطمة بنت الحسين، فإذا متّ فلا يدخلن عليّ.
قال: فصاحت به فاطمة: أتسمع؟ قال: نعم.
قالت: أعتقت كل مملوك لي، وتصدقت بكل مملوك لي، إن أنا تزوجت بعدك أحدا.
قال: فسكن الحسن، وما تنفس، وما تحرك حتى قضى- رضوان الله عليه- فلما ارتفع الصياح أقبل عبد الله على الصفة التي ذكرها الحسن، فقال بعض القوم: ندخله، وقال بعضهم: لا ندخله، وقال قوم: وما يضرّ من دخوله؟.
فدخل، وفاطمة رضوان الله عليها تصك وجهها، فأرسل إليها وصيفا كان معه، فجاء فتخطى الناس حتى دنا منها، فقال لها: يقول لك مولاي اتقي على وجهك فإن لنا فيه اربا.
قال: فأرسلت يدها في كمها، وعرف ذلك فيها، فما لطمت حتى دفن.
فلما انقضت عدتها خطبها، فقالت: كيف بنذري ويميني؟.
فقال: نخلف عليك بكل عبد عبدين، وبكل شيء شيئين. ففعل فتزوجته.
وقد حدثني أحمد بن سعيد «٢» في أمر تزويجه إيّاها، عن يحيى بن الحسن، عن أخيه أبي جعفر، عن محمد بن عبد الله البكري، عن اسماعيل بن يعقوب «٣» :
أن فاطمة بنت الحسين لما خطبها عبد الله أبت أن تتزوجه، فحلفت أمها عليها أن تزوّجه، وقامت في الشمس، وآلت ألا تبرح حتى تزوّجه، فكرهت فاطمة أن تخرج «٤» فتزوجته.