على جبينه، وعليه البيضة والمغفر والقلنسوة، فقطع ذلك كلّه وأطار قحف رأسه، وسقط عن دابته، وحمل على أصحابه فتفرقوا وانهزموا «١» .
وحج في تلك السنة مبارك التركي فبدأ بالمدينة للزيارة فبلغه خبر الحسين فبعث إليه من الليل: إني والله ما أحب أن تبتلى بي ولا أبتلي بك «٢» ، فبعث الليلة إليّ نفرا من أصحابك ولو عشرة يبيتون عسكري حتى أنهزم واعتل بالبيات، ففعل ذلك الحسين، ووجه عشرة من أصحابه فجعجعوا بمبارك وصيّحوا في نواحي عسكره، فطلب دليلا يأخذ به غير الطريق فوجده فمضى به حتى انتهى إلى مكة «٣» .
وحج في تلك السنة العباس بن محمد، وسليمان بن أبي جعفر، وموسى بن عيسى «٤» ، فصار مبارك معهم، واعتل عليهم بالبيات.
وخرج الحسين بن علي قاصدا إلى مكة ومعه من تبعه من أهله ومواليه وأصحابه وهم زهاء ثلثمائة، واستخلف على المدينة دنيار الخزاعي، فلما قربوا من مكة فصاروا بفخ وبلدح «٥» تلقتهم الجيوش، فعرض العباس على الحسين الأمان والعفو والصلة فأبى ذلك أشد الإباء.
قال الحسن بن محمد: وحدثني سليمان بن عبّاد، قال:
لما أن رأى الحسين المسودة أقعد رجلا على جمل، معه سيف يلوّح به، والحسين يملي عليه حرفا حرفا يقول: نادي، فنادى:
يا معشر الناس، يا معشر المسودة، هذا الحسين بن رسول الله (ص) ، وابن عمه، يدعوكم إلى كتاب الله وسنّة رسول الله (ص) .