إن أبا عبيد الله رحمة الله عليه قد اختار فلم يعد الثقة في نفسه، ولم يأل جهدا في حق الله الذي قلده، وما أردّ وصيته تهاونا بأمره، ولا أدع هذا نكولا عنه، ولكن أتخوّف أن أشتغل به عن غيره مما هو أحمد وأفضل عاقبة، فامض رحمك الله لأمرك، واجمع شمل ابن عمك، فقد قلدناك الرياسة علينا، وأنت الرضا عندنا، الثقة في أنفسنا.
ثم قال لأبي السرايا: ما ترى؟ أرضيت به؟.
قال: رضائي في رضاك، وقولي مع قولك، فجذبوا يد محمد بن محمد فبايعوه، وفرّق عماله.
فولى إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن جعفر خلافته على الكوفة.
وولى روح بن الحجاج شرطته.
وولى أحمد بن السري الأنصاري رسائله.
وولى عاصم بن عامر القضاء.
وولى نصر بن مزاحم السوق.
وعقد لإبراهيم بن موسى بن جعفر على اليمن.
وولى زيد بن موسى بن جعفر الاهواز.
وولى العباس بن محمد بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب البصرة.
وولى الحسن بن الحسن الأفطس مكة.
وعقد لجعفر بن محمد بن زيد بن علي، والحسين بن إبراهيم بن الحسن بن علي واسطا.
فخرجوا إلى أعمالهم.
فأما ابن الأفطس فلم يمنعه أحد مما وجه له، فأقام الحج تلك السنة وهي سنة تسع وتسعين ومائة.
وأما إبراهيم بن موسى فأذعن له أهل اليمن بالطاعة، بعد وقعة كانت بينهم يسيرة المدة.
وأما صاحبا واسط فان نصرا البجلي صاحب واسط خرج إليهما فقاتلهما قتالا شديدا، فثبتا له ثم انهزم ودخلا واسطا وجبيا الخراج وتألفا الناس.