تلك التي لولا غرامي بها ... كنت بسامرا قليل المقام
قال أبو الفرج:
وقد حدثني بخبره على أتم من هذه الحكاية عمي الحسين بن محمد قال:
حدثنا أبو جعفر بن الدهقانة النديم، قال: حدثني إبراهيم بن المدبر، قال «١» :
جاءني يوما محمد بن صالح الحسني بعد أن أطلق من الحبس فقال لي: إني أريد المقام عندك اليوم على خلوة لأبثك من أمري شيئا لا يصلح أن يسمعه أحد غيرنا، فقلت: افعل. فصرفت من كان بحضرتي وخلوت معه وأمرت برد دابته، فلما اطمأن وأكلنا واضطجعنا قال لي: أعلمك أني خرجت في سنة كذا وكذا ومعي أصحابي على القافلة الفلانية، فقاتلنا من كان فيها فهزمناهم وملكنا القافلة، فبينا أنا أحوزها وأنيخ الجمال، إذ طلعت على امرأة من عمارية ما رأيت قط أحسن منها وجها، ولا أحلى منطقا، فقالت لي: يا فتى، إن رأيت أن تدعو الشريف المتولي أمر الجيش فإن له عندي حاجة.
فقلت: قد رأيته وسمع كلامك.
فقالت لي: سألتك بالله وبحق رسوله أنت هو؟.
قلت: نعم والله وحق رسوله (ص) إني لهو.
فقالت: أنا حمدونة بنت عيسى بن موسى بن أبي خالد الحربي، ولأبي محل من سلطانه، ولنا نعمة إن كنت سمعت بها فقد كفاك ما سمعت، وإن كنت لم تسمع بها فاسأل عنها غيري، وو الله لا استأثرت عليك بشيء أملكه، ولك عليّ بذلك عهد الله جلّ وعز وميثاقه، وما أسألك إلّا أن تصونني وتسترني، وهذه ألف دينار معي لنفقتي فخذها حلالا، وهذا حليّ [عليّ] من خمسمائة دينار فخذه وأضمن لك بعد أخذك إيّاه ما شئت على حكمك، آخذه لك من تجار مكة والمدينة، ومن أهل الموسم العراقيين فليس منهم أحد يمنعني شيئا أطلبه وادفع عني واحمني من أصحابك ومن عار يلحقني.
فوقع قولها في قلبي موقعا عظيما فقلت لها: قد وهب الله لك مالك وجاهك