للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخبرني «١» جعفر بن محمد الوراق الكوفي، قال: حدثني عبد الله بن علي بن عبيد الله العلوي الحسيني، عن أبيه، قال:

كتب المأمون إلى عبد الله بن موسى وهو متوار منه يعطيه الأمان، ويضمن له أن يوليه العهد بعده، كما فعل بعلي بن موسى، ويقول: ما ظننت أن أحدا من آل أبي طالب يخافني بعد ما عملته بالرضا، وبعث الكتاب إليه.

فكتب إليه عبد الله بن موسى:

وصل كتابك وفهمته، تختلني فيه عن نفسي ختل القانص، وتحتال على حيلة المغتال القاصد لسفك دمي.

وعجبت من بذلك العهد وولايته لي بعدك، كأنك تظن أنه لم يبلغني ما فعلته بالرضا، ففي أي شيء ظننت أني أرغب من ذلك؟.

أفي الملك الذي قد غرتك نضرته وحلاوته؟ فو الله لأن أقذف وأنا حيّ في نار تتأجج أحب إليّ من أن ألي أمرا بين المسلمين أو أشرب شربة من غير حلها مع عطش شديد قاتل.

أم في العنب المسموم الذي قتلت به الرضا؟

أم ظننت أن الاستتار قد أملّني وضاق به صدري، فو الله إني لدلك، ولقد مللت الحياة وأبغضت الدنيا، ولو وسعني في ديني أن أضع يدي في يدك حتى تبلغ من قبلي مرادك لفعلت ذلك، ولكن الله قد حظر على المخاطرة بدمي، وليتك قدرت عليّ من غير أن أبذل نفسي لك فقتلتني، ولقيت الله- عزّ وجلّ- بدمي، ولقيته قتيلا مظلوما، فاسترحت من هذه الدنيا.

واعلم أني رجل طالب النجاة لنفسي، واجتهدت فيما يرضى الله عزّ وجلّ عني، وفي عمل أتقرب به إليه، فلم أجد رأيا يهدي إلى شيء من ذلك، فرجعت إلى القرآن الذي فيه الهدى والشفاء، فتصفحته سورة سورة، وآية آية، فلم أجد شيئا أزلف للمرء عند ربه جل وعز من الشهادة في طلب مرضاته.

ثم تتبعته ثانية أتأمل الجهاد أيه أفضل، ولأي صنف، فوجدته جل وعلا

<<  <   >  >>