الروّار ما أراده، فاجتمعت إليه جماعة «١» من الأعراب ومضى فقصد شاهي «٢» فأقام بها إلى الليل، ثم دخل الكوفة ليلا، وجعل أصحابه ينادون: أيها الناس أجيبوا داعي الله حتى اجتمع إليه خلق كثير.
فلما كان من غد مضى إليه بيت المال فأخذ ما فيه، ووجّه إلى قوم من الصيارفة عندهم مال من مال السلطان فأخذه منهم، وصار إلى بني حمّان وقد اجتمع أهله، ثم جلس فجعل أبو جعفر محمد بن عبيد الله الحسني وهو المعروف بالأدرع «٣» يسارّه ويعظم عليه أمر السلطان، فبينما هم كذلك إذا عبد الله بن محمود قد أقبل وعنده جند مرتبون كانوا معه في طساسيج الكوفة «٤» ، فصاح بعض الأعراب بيحيى:
أيها الرجل أنت مخدوع، هذه الخيل قد أقبلت. فوثب يحيى فجال في متن فرسه، وحمل على عبد الله بن محمود فضربه ضربة بسيفه على وجهه، فولى منهزما وتبعه أصحابه منهزمين «٥» .
ثم رجع إلى أصحابه فجلس معهم ساعة ثم خرج إلى الوازار في عسكره ومضى منه إلى حنبلا.
وسار خبر يحيى بن عمر وانتهى إلى بغداد، فندب له محمد بن عبد الله بن طاهر بن عمه الحسين بن إسماعيل «٦» ، وضم إليه جماعة من القواد، منهم خالد بن عمران، وأبو السنا الغنوي، ووجه الفلس «٧» ، وعبد الله بن نصر بن حمزة، وسعد الضّبابي، فنفذوا إليه على كره، وكان هوى أهل بغداد مع يحيى، ولم يروا قط مالوا إلى طالبي خرج غيره.
فنفذ الحسين إلى الكوفة فدخلها وأقام بها أياما [ثم مضى قاصدا يحيى حتى وافاه فأقام في وجهه أياما]«٨» ثم ارتحل قاصدا القسّين حتى نزل قرية يقال لها