فإني إلى أن يدفن القلب داءه ... ليقتلني الدّاء الدّفين لأحوج
عفاء على دار ظعنت لغيرها ... فليس بها للصّالحين معرّج «١»
ألا أيها المستبشرون بيومه ... أظلّت عليكم غمّة لا تفرّج
أكلّكم أمسى اطمأنّ مهاده ... بأنّ رسول الله في القبر مزعج
فلا تشمتوا وليخسأ المرء منكم ... بوجه كأنّ اللون منه اليرندج «٢»
فلو شهد الهيجا بقلب أبيكم ... غداة التقى الجمعان والخيل تمعج»
لأعطى يد العاني أو ارمدّ هاربا ... كما ارمدّ بالقاع الظليم المهيّج «٤»
ولكنّه ما زال يغشى بنحره ... شبا الحرب حتى قال ذو الجهل: أهوج
وحاشا له من تلكم غير أنّه ... أبى خطّة الأمر التي هي أسمج «٥»
وأين به عن ذاك؟ لا أين إنه ... إليه بعرقيه الزّكيّين محرج «٦»
كدأب عليّ في المواطن قبله ... أبي حسن، والغصن من حيث يخرج
كأنّي به كالليث يحمي عرينه ... وأشباله لا يزدهيه المهجهج «٧»
كأنّي أراه والرّماح تنوشه ... شوارع كالأشطان تدلى وتخلج «٨»
كأنّي أراه إذ هوى عن جواده ... وعفّر بالتّرب الجبين المشجّج
فحبّ به جسما إلى الأرض إذ هوى ... وحبّ بها روحا إلى الله تعرج
أأرديتم يحيى ولم يطو أيطل ... طرادا ولم يدبر من الخيل منسج؟ «٩»