فإني أحمد الله الذي لا إله إلّا هو، أما بعد: فإن الله تعالى عزّ وجلّ بعث محمدا (ص) رحمة للعالمين، ومنّة على المؤمنين، وكافة إلى الناس أجمعين لينذر من كان حيّا ويحقّ القول على الكافرين «١» فبلغ رسالات الله، وقام على أمر الله حتى توفّاه الله غير مقصر ولا وان، حتى أظهر الله به الحق، ومحق به الشرك، ونصر به المؤمنين، وأعزّ به العرب، وشرف به قريشا خاصّة، فقال تعالى: وإنّه لذكر لك ولقومك «٢» فلما توفي (ص) تنازعت سلطانه العرب فقالت قريش: نحن قبيلته وأسرته وأولياؤه، ولا يحل لكم أن تنازعونا سلطان محمد في الناس وحقّه، فرأت العرب أن القول كما قالت قريش، وأن الحجة لهم في ذلك على من نازعهم امر محمد (ص) فأنعمت «٣» لهم العرب وسلّمت ذلك، ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجّت به العرب، فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها، إنهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف والاحتجاج فلما صرنا أهل بيت محمد وأوليائه إلى محاجّتهم، وطلب النّصف منهم باعدونا، واستولوا بالاجتماع على ظلمنا ومراغمتنا، والعنت منهم لنا، فالموعد الله، وهو الولي النصير.
وقد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا، وسلطان نبيّنا (ص) وإن كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الإسلام، فأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون والأحزاب بذلك مغمزا يثلمونه به، أو يكون لهم بذلك سبب لما أرادوا به من فساده، فاليوم فليعجب المتعجب من توثّبك يا معاوية على أمر لست من أهله، لا بفضل في الدين معروف، ولا أثر في الإسلام محمود، وأنت ابن حزب من الأحزاب، وابن أعدى قريش لرسول الله (ص) ، ولكنّ الله خيّبك وستردّ فتعلم لمن عقبى الدار، تالله لتلقينّ عن قليل ربّك، ثم ليجزينّك بما قدمت يداك، وما الله بظلّام للعبيد.
إن عليا- رضوان الله عليه- لما مضى لسبيله- رحمة الله عليه- يوم