كما جمع ديوان أبي نواس وجمع ديوان البحتري ورتبه على الأنواع كذلك.
وكان لأبي الفرج في منزله عمل آخر غير تأليف الكتب والرسائل وقرض الشعر وجمع الدواوين، فقد كان يجلس لتلاميذه وروّاد أدبه يقرئهم من كتبه ما يريد أو ما يريدون على نحو ما كان يفعله أستاذه أبو جعفر الطبري، وفي طليعة تلك الكتب التي قرئت عليه من أولها إلى آخرها كتاب الأغاني الكبير الذي «جمع فيه أخبار العرب وأشعارهم وأنسابهم وأيّامهم ودولهم، وجعل مبناه على الغناء في مائة الصوت التي اختارها المغنون للرشيد فاستوعب فيه ذلك أتم استيعاب وأوفاه. ولعمري أنه ديوان العرب وجامع أشتات المحاسن التي سلفت لهم في كل فن من فنون الشعر والتاريخ والغناء وسائر الأحوال- ولا يعدل به في ذلك كتاب فيما نعلمه، وهو الغاية التي يسمو إليها الأديب ويقف عندها وأتى له بها»«١» .