وعلوت مرتئبا على مرهوبة ... حصاء ليس رقيبها في مثمل
غيطاء معنفة يكون أنيسها ... ورق الحمام جميمها لم يؤكل
أي لا جميم بها يؤكل ولو قدر بها جميم لم يكن بها من يأكله لأنه قفر وكذلك قوله: ليس رقيبها في مثمل أي ليس بها رقيب فيكون في مثمل، والمثمل الملجأ، والكلام على هذا وأمثاله يتسع مجاله، ويقل رجاله، والله أسأل أن ينفعنا، بما علمنا بمنه وفضله.
قلت: وقد يشهد لصحة إدخال النفي على كلمة في الجملة والمراد غيرها إذا كان في الكلام ما يشهد لذلك ما ذكر أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري رَحِمَهُ اللَّهُ في كتاب الوقف والابتداء من تأليفه لما تكلم على قوله تعالى: {لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ}[الأعراف: ٤٦] فقال ما نصه: فيه وجهان، إن شئت قلت: الوقف على قوله تبارك وتعالى {لَمْ يَدْخُلُوهَا}[الأعراف: ٤٦] ثم تبتدئ {وَهُمْ يَطْمَعُونَ}[الأعراف: ٤٦] أي وهم يطمعون في دخولها وإن شئت قلت: المعنى دخولها وهم لا يطمعون في دخولها قبله فيكون الجحد منقولا من الدخول إلى الطمع كما نقول في الكلام: ما ضربت عَبْد اللَّهِ وعنده أحد فمعناه ضربت عَبْد اللَّهِ وليس عنده أحد، فالجحد منقول من الضرب إلى آخر الكلام، حكي عن العرب، ما كأنها أعرابية، بمعنى كأنها ليست أعرابية، قَالَ وأنشد الفراء.