للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال البيضاوي في شرحه: «معنى الحديث لا ينال أحدكم بإنفاق مثل أحد ذهبا من الفضل والأجر ما ينال أحدهم بإنفاق مد طعام أو نصيفه، وسبب التفاوت ما يقارن الأفضل من مزيد الإخلاص وصدق النية». (١)

وقد دلت على هذه المسألة أقوال السلف:

روى ابن أبي شيبة عن سعيد بن زيد قال: «والله لمشهد يشهده الرجل منهم، يوما واحدا في سبيل الله، مع رسول الله اغْبرَّ فيه وجهه، أفضل من عمل أحدكم لو عمرّ عمر نوح». (٢)

وقال ابن مسعود: «أنتم أكثر صلاة وصياما من أصحاب محمد ، وهم كانوا خيرا منكم، قالوا: ولم؟ قال: كانوا أزهد منكم في الدنيا، وأرغب في الآخرة». (٣)

فظهر بهذا فضل عمل الصحابة على عمل غيرهم، وهذا مما يدل على التفاضل في العمل باعتبار منزلة العامل.

وإذا تقرر هذا فإن أهل العلم، قد نبهوا على بعض أسباب هذا التفضيل، وهو وإن كان الذي يظهر من النصوص وأقوال أهل العلم، أن التفضيل يرجع لفضل العامل ومكانته عند الله، إلا أن وراء ذلك أيضا أسبابا أشار إليها أهل العلم.

فمنها: أن الفضل في العمل، يرجع إلى ما عليه العامل الفاضل من عمل باطن يغلب به غيره. وهذا ما أشار إليه ابن مسعود في قوله: «كانوا أزهد منكم في الدنيا».

ومنها: ما يكون عليه العامل من فقه في الدين وتأثير ذلك في عبادته، من حيث الإتقان، والإخلاص، والاشتغال بما هو أفضل، وأنفع، بما يناسب كل وقت.


(١) ذكره ابن حجر في فتح الباري (٧/ ٣٤).
(٢) المصنف لابن أبي شيبة (٤/ ٢٣١، ٢٣٢).
(٣) ذكره ابن رجب في لطائف المعارف ص (٤٤٨).

<<  <   >  >>