للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن كثير : «وهكذا قال ابن عباس، ومجاهد، وعطية العوفي، وعكرمة، وعطاء، والربيع ابن أنس: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ يعني خير الناس للناس: والمعنى أنهم خير الأمم وأنفع الناس للناس ولهذا قال: ﴿تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه﴾». (١)

فدل فهم السلف للآية أن الخيرية قد حصلت للأمة لكونهم أنفع الناس للناس، وذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مما يحصل به دخول الجنة والنجاة من النار، وهذا مما يدل على أثر الأعمال المتعدية في السبق إلى الخير والفضل عند الله، خاصة ما يتعلق منها بنفع الناس في دينهم الذي تتحقق به سعادتهم في الدنيا والآخرة.

وفي معنى هذه الآية قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾. (٢)

روى الطبري عن معمر قال تلا الحسن ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً﴾ إلى قوله ﴿مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ قال: «هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب الخلق إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحا في إجابته وقال: إنني من المسلمين هذا خليفة الله». (٣)

كما دلت السنة على تفضيل الأعمال المتعدية على غيرها في أحاديث كثيرة.

منها:

ما أخرجه الشيخان من حديث أبي موسى عن النبي قال: «مثل ما بعثني الله به من الهدي والعلم، كمثل الغيث الكثير، أصاب أرضا، فكان منها نقية، قبلت الماء


(١) تفسير ابن كثير (١/ ٣٩١).
(٢) سورة فصلت (٣٣).
(٣) تفسير الطبري (١١/ ١٠٩ - ١١٠).

<<  <   >  >>