للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي حديث أبي الدرداء أيضا عن النبي أنه قال: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة، والصلاة»؟ قال: قلنا: بلى. قال: «إصلاح ذات البين؛ وفساد ذات البين هي الحالقة». (١)

وعن أبي الدرداء أيضا عن النبي أنه قال: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم؛ فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم». قالوا: بلى. قال: «ذكر الله». (٢)

فهذا لا يستقيم مع قول من حمل تنوع إجابة النبي عن أفضل العمل، أنها تتنزل على أحوال السائلين، إذ النصوص ليست محصورة في إجابة السائلين، كما هو ظاهر هنا.

ومن الأجوبة التي ذكرها أهل العلم في الجمع بين الأحاديث: أن الأجوبة اختلفت باختلاف الأوقات، بأن يكون العمل في ذلك الوقت، أفضل منه في غيره، وحملوا على هذا تقديم الجهاد على الحج في حديث أبي هريرة. قالوا: كان هذا في أول الإسلام لعظم الحاجة إلى الجهاد في إظهار الدين. أو أنه محمول على الجهاد الواجب، وقت النفير إليه. (٣)


(١) أخرجه أبو داود (٥/ ٢١٨) ح: (٤٩١٩)، والترمذي (٤/ ٦٦٣) ح: (٢٥٠٩) وقال: «هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه «، وأحمد (٤٥/ ٥٠٠) ح (٢٧٥٠٨).
(٢) أخرجه الترمذي (٥/ ٤٥٩) ح: (٣٣٧٧)، وابن ماجه (٢/ ١٢٤٥) ح: (٣٧٩٠)، والحاكم (١/ ٦٧٣) ح: (١٨٢٥)، وصححه، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني. انظر حاشية مشكاة المصابيح (٢/ ٧٠٢)، وصحيح الكلم الطيب (ص: ٢٤).
(٣) انظر إكمال المعلم للقاضي عياض (١/ ٣٤٧)، وشرح صحيح مسلم للنووي (٢/ ٧٨)، وفتح الباري لابن حجر (٢/ ٩).

<<  <   >  >>