للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لعلي لأن يهدي الله بك رجلا واحدا، خير لك من حُمْر النعم، وبأن صاحب العبادة إذا مات انقطع عمله، وصاحب النفع لا ينقطع عمله، وبأن الأنياء بعثوا بالإحسان إلى الخلق وهدايتهم ونفعهم في معاشهم ومعادهم، ولم يبعثوا بالخلوات، والانقطاع عن الناس والترهب. (١)

ويقول الإمام المحقق ابن رجب مقررا هذه المسألة: «وفي الجملة فخير الناس أنفعهم للناس، وأصبرهم على أذى الناس، كما وصف الله المتقين بذلك في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (٢)» (٣)

وقال: «الإحسان إلى الرفقة في السفر، أفضل من العبادة القاصرة، لا سيما إن احتاج العابد إلى خدمة إخوانه». (٤)

وبهذه النقول المستفيضة من النصوص وأقوال أهل العلم يتم تقرير هذه المسألة وهي: تفضيل الأعمال المتعدية على الأعمال القاصرة اللازمة لعموم النفع واتصال الأجر. على أنه ينبغي أن يراعى في هذا المقام التوازن بين أنواع التفاضل السابقة، فقد يكون العمل القاصر عبادة واجبة، فلا يقدم عليه ما كان متعديا من النفل، وكذلك مراعاة الأحوال الأخرى في أسباب التفاضل مما سيأتي تفصيله إن شاء الله في مبحث مستقل بحول الله وقوته.


(١) انظر مدارج السالكين (١/ ٨٧٨٨).
(٢) سورة آل عمران: (١٣٤).
(٣) لطائف المعارف (ص: ٤١١).
(٤) المصدر نفسه (ص: ٤١٢).

<<  <   >  >>