للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيامهم بالعلم والنصح والتوجيه، وعدم الانقطاع إلى العبادة واعتزال الخلق.

يقول الإمام النووي في ترجمته لأحد أبواب (رياض الصالحين): «باب فضل الإختلاط بالناس، وحضور جمعهم، وجماعتهم، ومشاهد الخير، ومجالس الذكر معهم وعيادة مريضهم، وحضور جنائزهم، ومواساة محتاجهم، وإرشاد جاهلهم وغير ذلك من مصالحهم، لمن قدر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقمع نفسه عن الإيذاء، وصَبَر على الأذى». (١)

ثم قال: «اعلم أن الإختلاط بالناس على الوجه الذي ذكرته هو المختار الذي كان عليه رسول الله وسائر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وكذلك الخلفاء الراشدون، ومن بعدهم من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من علماء المسلمين وأخيارهم، وهو مذهب أكثر التابعين ومن بعدهم، وبه قال الشافعي، وأحمد، وأكثر الفقهاء أجمعين قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ (٢) والآيات في معنى ما ذكرته كثيرة معلومة». (٣)

ويقول الإمام ابن القيم في سياق نقله أقوال العلماء في أفضل الأعمال: «الصنف الثالث: رأوا أن أنفع العبادات وأفضلها: ما كان فيه نفع متعد فرأوه أفضل من ذي النفع القاصر، فرأوا خدمة الفقراء والإشتغال بمصالح الناس وقضاء حوائجهم، ومساعدتهم بالمال والجاه والنفع أفضل فتصدوا له وعملوا عليه». (٤)

ثم نقل جملة من حججهم على هذا فقال: واحتجوا بأن عمل العابد قاصر على نفسه، وعمل النّفاع متعد إلى الغير، وأين أحدهما من الآخر. ولهذا كان فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وقد قال الرسول


(١) رياض الصالحين (ص: ٢٤٤).
(٢) سورة المائدة: (٢).
(٣) رياض الصالحين (ص: ٢٤٤).
(٤) مدارج السالكين (١/ ٨٧).

<<  <   >  >>