للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النصوص على تفضيل الأعمال المصاحبة لها فكثيرة ومنها:

١ - الأحوال التي تضعف معها دواعي الاستقامة وتقوى أسباب المخالفة، فتفضل الأعمال الصالحة في هذه الحالة على غيرها.

ومن أصحاب هذه الحالة الذين تحققت فيهم صورتها بعض الأصناف السبعة الذين ورد في الحديث أن الله يظلهم في ظله، يوم لا ظل إلا ظله (١) وهم: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله.

فهؤلاء شرفت طاعتهم، وفضل عملهم، لاستقامتهم على الطاعة، مع قوة الدافع إلى المخالفة في حقهم.

فدافع الظلم لدى السلطان قوي لقدرته عليه وكثرة المعينين له عليه، خصوصاً إذا صاحب ذلك تزيين الظلم للإمام من بطانة السوء، وتهوينه عليه وإغرائه بالمظلومين وأنهم مستحقون لذلك، فلزوم العدل في هذه الحالة، وترك الظلم من الإمام دليل على قوة الإيمان والمراقبة لله، وأن الحامل له على ذلك تقوى الله، بخلاف غير الإمام فلربما كان تنزهه عن الظلم لأسباب أخرى، من عجز أو خشية عقوبة دنيوية، أو تسلط مظلوم وانتقامه.

وكذا الشاب فدافع المعصية فيه أقوى، لقوة البدن، وغلبة الشهوة، وعدم اكتمال العقل، فنشأته على الطاعة ومغالبة الهوى دليل على قوة الإيمان والمراقبة لله قال ابن حجر: «خص الشاب لكونه مظنة غلبة الشهوة، لما فيه من قوة الباعث على متابعة الهوى، فإن ملازمة العبادة مع ذلك أشد وأدل على غلبة التقوى». (٢)


(١) انظر الحديث في صحيح البخاري مع الفتح ٢/ ١٤٣ ح (٦٦٠) وصحيح مسلم ٢/ ٧١٥ ح (١٠٣١).
(٢) فتح الباري ٢/ ١٤٥.

<<  <   >  >>