للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأخبر أن الاشتغال بالعمل في زمن انتشار العلم أفضل من العلم، لاكتفاء الناس بما عندهم من العلم وقلة سائليه، وإنما هم محتاجون للعمل، وان الاشتغال بالعلم في حال قلته وضعفه، أفضل من العمل، لحاجة الناس إلى العلم وكثرة سائليه، فبين أن الأفضل لكل أهل زمان هو الاشتغال بما تدعوا الحاجة إليه.

ويقول الإمام المحقق ابن القيم في تقرير هذا الأصل: «فأفضل العبادة العمل على مرضاة الرب في كل وقت، بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته، فأفضل العبادات في وقت الجهاد: الجهاد وإن آل إلى ترك الأوراد من صلاة الليل، وصيام النهار، بل ومن ترك تمام صلاة الفرض كما في حالة الأمن، والأفضل في وقت حضور الضيف مثلا: القيام بحقه، والاشتغال به عن الورد المستحب، وكذلك أداء حقوق الزوجة والأهل … والأفضل في أوقات ضرورة المحتاج إلى المساعدة بالجاه أوالبدن أو المال، الاشتغال بمساعدته، وإغاثة لهفته، وإيثار ذلك على أورادك وخلوتك والأفضل في وقت مرض أخيك المسلم، أو موته، عيادته وحضور جنازته وتشييعه، وتقديم ذلك على خلوتك وجمعيتك والأفضل في وقت نزول النوازل وأذاة الناس لك: أداء واجب الصبر مع خلطتك بهم دون الهروب منهم، فإن المؤمن الذي يخالط الناس ليصبر على أذاهم، أفضل من الذي لا يخالطهم ولا يؤذونه». (١)

وهذا كله مما يتعلق بالأحوال العامة للأمة.

وأما الأحوال الخاصة المتعلقة ببعض الأفراد دون بعض والتي دلت


(١) مدارج السالكين ١/ ٨٨، ٨٩.

<<  <   >  >>