للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ﴾. (١)

قال القرطبي في تفسير الآية: «إطعام الطعام فضيلة، وهو مع السغب الذي هو الجوع أفضل». (٢)

وكالقيام على خدمة المسلمين عند حاجاتهم لذلك، فهو أفضل الأعمال وأعظمها أجراً عند الله، كما دل على ذلك حديث أنس في الصحيحين: قال: «كنا مع النبي أكثرنا ظلاً الذي يستظل بكسائه، وأما الذين صاموا فلم يعملوا شيئاً، وأما الذين أفطروا فبعثوا الركاب وامتهنوا وعالجوا فقال النبي ذهب المفطرون اليوم بالأجر». (٣)

فأخبر النبي عن فضل عمل المفطرين على الصائمين لقيامهم بالخدمة التي اشتدت إليها الحاجة وعجز الصوام عنها.

قال أبو العباس القرطبي في شرح عبارة: (ذهب المفطرون اليوم بالأجر): «يعني أنهم لما قاموا بوظائف ذلك الوقت، وما يُحتاج إليه فيه، كان أجرهم على ذلك أكثر من أجر من صام ذلك اليوم، ولم يقم بتلك الوظائف». (٤)

وهكذا كل عمل يحتاج إليه المسلمون وتتحقق بهم مصالحهم في وقت من الأوقات، فالاشتغال به مقدم على غيره، وهو أفضل في حق أهل ذلك الزمان، وهذا ما أشار إليه ابن مسعود في قوله مخاطباً أصحابه: «إنكم أصبحتم في زمان كثير فقهاؤه قليل خطباؤه، قليل سائلوه كثير معطوه، العمل فيه خير من العلم، وسيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه، كثير خطباؤه، قليل معطوه، كثير سائلوه، العلم فيه خير من العمل». (٥)


(١) سورة البلد (١٤).
(٢) تفسير القرطبي ٢٠/ ٧٠.
(٣) تقدم تخريجه ص: ١٨٢.
(٤) المفهم ٣/ ١٨٢.
(٥) أخرجه البخاري في الأدب المفرد، الأدب المفرد مع شرحه فضل الله الصمد ٢/ ٢٥٨ برقم (٧٨٩) وعبد الرزاق في المصنف ٢/ ٣٨٢ برقم (٣٧٨٧) وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله مرفوعاً للنبي ١/ ١١٤ ح (١٠٣) والصحيح وقفه على ابن مسعود انظر حاشية جامع بيان العلم بتحقيق أبي الأشبال الزهيري.

<<  <   >  >>