للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا ورد في فضل الذكر في الأسواق ما ورد من الحديث المرفوع والآثار الموقوفة، حتى قال أبو صالح (إن الله ليضحك ممن يذكره في السوق) وسبب ذلك أنه ذكرٌ، في موطن الغفلة، بين أهل الغفلة». (١)

ثم ذكر الحافظ ابن رجب فوائد العمل في أوقات الغفلة وخصائصه فذكر منها:

١ - أنه يكون أخفى وإخفاء النوافل وإسرارُها أفضل.

٢ - أنه أشق على النفوس وأفضل الأعمال أشقها على النفوس (٢)، وسبب ذلك أن النفوس تتأسى بما تشاهده من أحوال أبناء الجنس، فإذا كثرت يقظة الناس وطاعاتهم، كثر أهل الطاعة، لكثرة المقتدين بهم، فسهلت الطاعات، وإذا كثرت الغفلات وأهلها تأسى بهم عموم الناس، فيشق على نفوس المتيقظين طاعاتهم لقلة المقتدين بهم فيها.

٣ - أن المنفرد بالطاعة بين أهل المعاصي والغفلة قد يُدْفع به البلاء عن الناس كلهم، فكأنه يحميهم ويدافع عنهم … قال بعض السلف: ذاكر الله في الغافلين كمثل الذي يحمي الفئة المنهزمة، ولولا من يذكر الله في غفلة الناس لهلك الناس. (٣)

ثالثاً: الأحوال التي تعظم فيها حاجة المسلمين إلى بعض الأعمال، ولا تتحقق مصالحهم الدينية أو الدنيوية إلا بها.

فتفضل هذه الأعمال في تلك الأحوال لعظم الحاجة إليها.

كالإنفاق على المسلمين ومصالحهم في حال الفاقة والعسر على ما دل عليه قوله تعالى: ﴿أَوْ


(١) لطائف المعارف ٢٥١، ٢٥٢.
(٢) تقدم تقرير هذه المسألة، وبيان وجه الجمع بينها وبين ما دلت عليه النصوص، من كون أفضل الأعمال ما كان على وجه الاقتصاد والتيسير انظر ص: ١٣٠ - ١٣٥ من هذا الكتاب.
(٣) انظر لطائف المعارف ص ٢٥٢ - ٢٥٥.

<<  <   >  >>