للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تكون منهم يا أبا بكر». (١)

ففي الحديث دلالة ظاهرة على فضل الجمع بين خصال البر، وذلك أن كل صاحب خصلة يدعى للجنة من باب هذه الخصلة، ويدعى من جمع بين الخصال كلها، من الأبواب كلها ومنهم أبو بكر وأرضاه. (٢)

ولهذا ترجم شُرَّاح صحيح مسلم لهذا الحديث وما جاء في معناه بما يدل على هذا المعنى، فترجم القاضي عياض (باب من جمع الصدقة وأعمال البر). (٣)

وترجم أبو العباس القرطبي «باب أجر من أنفق شيئين في سبيل الله، وعظم منزلة من اجتمعت فيه خصال من الخير». (٤)

وترجم النووي: (باب فضل من ضم إلى الصدقة غيرها من أنواع البر). (٥)

وبمجموع هذه الأدلة يظهر فضل الجمع بين الأعمال الصالحة على الاشتغال بنوع واحد منها، وهذا مقتضى النظر الصحيح الموافق لأصول الشريعة في باب الإيمان، فإن من عبد الله بأكثر من نوع من أنواع العبادة، يكون قد جمع بين عدة شعب من شعب الإيمان، فإن الأعمال الصالحة شعب الإيمان، وعلى قدر ما يحقق العبد من الشعب يقوى إيمانه، حتى إذا ما استكمل الشعب كلها وهي تزيد على الستين أو السبعين كمل إيمانه كمالاً مطلقاً، لا يبلغ درجته من قصر في بعض الشعب.


(١) أخرجه البخاري الصحيح مع الفتح ٧/ ١٩ ح (٣٦٦٦) ومسلم ٢/ ٧١١ ح (١٠٢٨).
(٢) لا يشكل على هذا قول النبي (أرجو أن تكون منهم) لأن الرجاء من الله ومن نبيه واقع، ثم إنه قد جاء في بعض روايات الحديث، التصريح بوقوع ذلك لأبي بكر، انظر فتح الباري ٧/ ٢٩.
(٣) إكمال المعلم ٣/ ٥٥٤.
(٤) المفهم ٣/ ٧٠.
(٥) شرح النووي ٧/ ١١٥.

<<  <   >  >>