للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصورة الثانية: الجمع بين خصال البر في وقت واحد.

وقد دل على هذه الصورة حديث أبي هريرة قال قال رسول الله «من أصبح منكم اليوم صائماً؟ قال أبو بكر : أنا. قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟ قال أبو بكر: أنا. قال فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟ قال أبو بكر: أنا. فقال رسول الله : ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة». (١)

والظاهر من الحديث أن هذا الثواب المذكور، وهو دخول الجنة، مترتب على اجتماع الخصال المذكورة في الرجل في يوم واحد، فقد كان في كل مرة يقول من (فعل اليوم؟) ثم قال (ما اجتمعن … ) فمفهومه: أن يجتمعن على القيد السابق، أي يجتمعن في يوم واحد.

يؤيد هذا ما أخرجه البخاري في الأدب المفرد، بعد ذكر الحديث عن مروان بن معاوية أحد رواة الحديث أنه قال: «بلغني أن النبي قال: «ما اجتمعت هذه الخصال في رجل في يوم، إلا دخل الجنة». (٢)

ومن هنا فارقت هذه الصورة الصورة السابقة. ففي هذه الصورة اجتماع للعمل في حق العامل في وقت واحد، وفي الصورة السابقة اجتماع للعمل في حق العامل في حياته كلها، من غير تقييد بالاشتراك في الزمن، بل قد يعمل بعمل في زمن، ويعمل بغيره في زمن آخر، فينبغي التنبه للفرق.

كما ينبغي أن يقرر في الصورة الثانية أن الزمن المقيد لاجتماع الأعمال المذكورة فيه وهو (اليوم) وإن كان معتبراً في هذا الموطن إلا أنه لا يلزم أن يكون هذا الزمن قيداً عاماً لكل أفراد هذه الصورة، بل قد يأتي الشارع بالترغيب في


(١) أخرجه مسلم ٢/ ٧١٣ ح (١٠٢٨).
(٢) الأدب المفرد مع شرحه فضل الله الصمد ١/ ٦٠٨ ح (٥١٥).

<<  <   >  >>