للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والترتيل، على الإسراع وكثرة القراءة، وهي ما بين صريحة في هذا، أو ظاهرة الدلالة عليه.

الثالث: أن ترجيح تحسين العمل على الكثرة والتعدد هو الذي تقتضيه الأصول الشرعية في باب المفاضلة. كما تقدم في القاعدة الرابعة: (أن الفضائل المتعلقة بذات العبادة مقدمة على الفضائل الخارجة عنها) فالفضل في تحسين العمل كالإطالة في الصلاة. والتدبر في التلاوة، راجع إلى ذات العبادة، والفضل في تعدد الركعات وكثرة القراءة راجع إلى سبب خارج عن ذات العبادة، فمن هنا ترجح القول بتقديم تحسين العمل مع الانفراد، على الكثرة والتعداد والله تعالى أعلم.

فمن خلال هذه القواعد يتمكن الباحث والناظر في هذا الباب من الإلمام بمراتب الفضل وما الذي يقدم منها أو يؤخر، ومن ثم الترجيح بين أسباب التفاضل بين الأعمال، والأخذ بالأرجح فالأرجح منها. وبه يتحقق الأصل الأول للناظر في هذا الباب والمتمثل في الموازنة بين أسباب التفاضل على وجه الإجمال.

وأما الأصل الثاني: وهو الموازنة بين أسباب تفاضل الأعمال في حق المعينين.

فتراعى فيه أحوال المعينين وأفراد الناس، وما يناسب حال كل واحد منهم من الأعمال، فلا يلزم من كون العمل فاضلا من حيث الجملة، أن يكون هذا حكمه في حق كل أحد، بل قد يكون العمل المفضول من حيث الجملة، أفضل ممن هو أشرف منه في حق بعض الناس.

ومثال ذلك تعلم العلم، وتعليمه، ونشره بين الناس، مقدم من حيث الجملة على الجهاد في سبيل الله. (١)

لكن بالنظر إلى أحوال المعينين قد يكون الجهاد في سبيل الله أفضل، في حق


(١) تقدم تقريره عن أكثر أهل العلم انظر الصفحات: ٢٨ - ٣٠.

<<  <   >  >>