للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العمل الذي يأتي به على الوجه الناقص، وإن كان جنس هذا أفضل، وقد يكون الرجل عاجزا عن الأفضل، فيكون ما يقدر عليه في حقه أفضل له، والله أعلم». (١)

وبناءً على هذا فينبغي لكل فرد مراعاة عدة جوانب عند تزاحم الأعمال في حقِّه:

فيراعى منزلة العمل بالنسبة له فيقدم ما كان واجبا في حقه على غيره من النوافل (٢) دون النظر إلى مراتب هذه الأعمال من حيث التفضيل العام، فقد يكون ما هو واجبٌ في حقّه مرجوحاً مفضولا من حيث العموم، كأن يتزاحم الجهاد في سبيل الله أو طلب العلم النفل في حقه، مع ما هو دون هذين العملين من حيث الجملة، كاشتغاله بتربية أولاد، أو إنفاق على زوجة، أو صلة قريب، فيقدم هذه الواجبات العينية على الجهاد في سبيل الله أو طلب العلم النفل، وإن كان الجهاد وطلب العلم أفضل من حيث العموم.

فإذا تساوى العملان في درجة المشروعية، بأن كان كلاهما واجبا، أو كلاهما نفلاً، قدم أوجب الواجبين، وآكد النفلين في حقه على ما تقدم تقرير ذلك. (٣)

فإذا تساويا في المرتبة نظر في مدى قدرته على كل واحد منهما، فيقدم ما يقدر على أدائه على ما يعجز عنه، وإن كان المقدور عليه دون ذلك في التفضيل العام، على ما قرره شيخ الإسلام في كلامه السابق. والمقصود بالعجز هنا ما كان موجباً للكلفة والمشقة لا العجز التام عن العمل (٤) فليس هذا محل البحث هنا. فإذا تساويا في القدرة نظر في مدى تمكنه


(١) الفتاوى الكبرى (٢/ ٢٣٧)، ومجموع الفتاوى (٢٣/ ٦٣)، وانظر أيضا مجموع الفتاوى (١٠/ ٤٢٨، ٢٢/ ٣٠٩، ٢٣/ ٥٨).
(٢) انظر تقرير هذه المسألة ص: ٣٩ وما بعدها، وص: ٢١٤ - ٢١٦.
(٣) انظر تقرير هذه المسألة ص: ٢١٤ - ٢١٧.
(٤) انظر تقرير هذه المسألة ص: ١٢٥ - ١٢٦.

<<  <   >  >>