للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اكتمال دعائم الإسلام، وتعين الجهاد، على ما أشار إلى هذا القاضي عياض، وابن حجر رحمهما الله. (١)

السبب الثاني: أن تفضيل بعض الأعمال كان بحسب حاجة المسلمين، وما تقتضيه المصلحة في ذلك الوقت الذي تكلم فيه النبي بالحديث.

وقد نص على هذا بعض العلماء في توجيه تقديم الجهاد على الحج في حديث أبي ذر، وأنه محمول على أول الإسلام، ومحاربة أعائه، والجد في إظاهره. (٢)

فبهذا يمكن الجمع بين النصوص؛ فإن ما يظن بينها من التعارض يتنزل على أحد هذه الأوجه الثلاثة؛ فإنها ثمرة أقوال أهل العلم، وزبدة كلام المحققين في هذا الباب، ويكون توجيه النصوص بها بحسب ترتيبها في الذكر، فإن أمكن الجمع عن طريق الوجه الأول فهو الأولى، ولا يعدل عنه لغيره، فإن لم يكن فالوجه الثاني، فإن تعذر الجمع ينتقل إلى الوجه الثالث، وهذا التدرج في الجمع بين النصوص، هو الذي تقتضيه أصول الشرع وقواعد الدين، والله أعلم.

والمقصود في هذا المقام معرفة أفضل الأعمال باعتبار جنسها على ضوء مدلولات النصوص وفهم العلماء لها.

والذي يظهر بعد هذا العرض المفصل للنصوص وتوجيهها في هذا الباب أن أفضل الأعمال الواجبات، وأفضلها أركان الإسلام الخمسة؛ فإن النصوص دلت دلالة ظاهرة أن أفضل العمل الإيمان بالله ورسوله، والصلاة على وقتها، فدخلت بقية أركان الإسلام تحت ما ذُكر على ما تقدم تقريره في الطريق الأول من طرق الجمع بين النصوص.

كما يفهم من النصوص تفضيل الإيمان بالله ورسوله الذي هو مقتضى


(١) انظر إكمال المعلم (١/ ٣٤٧)، وفتح الباري لابن حجر (٥/ ١٤٩).
(٢) انظر إكمال المعلم (١/ ٣٤٧)، والمفهم لأبي العباس القرطبي (١/ ٢٧٦)، وشرح صحيح مسلم للنووي (٢/ ٧٨).

<<  <   >  >>