للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث مع أنها لم تذكر صراحة، لكنها كانت داخلة تحت ذكر الشهادة، والأمثلة على هذا كثيرة من النصوص.

الطريق الثاني: أن تفضيل بعض الأعمال في النصوص لا يرجع إلى فضل جنسها مجردا، وإنما لما يصاحبها من الأحوال الخاصة وحينئذ فلا يعارض بهذه النصوص ما جاء في النصوص الأخرى من تفضيل بعض الأعمال باعتبار جنسها، بل تحمل هذه على التفضيل باعتبار، وتلك على التفضيل باعتبار آخر؛ فإن التفاضل بين الأعمال يحصل باعتبارات كثيرة على ما سيأتي تفصيله في أثناء هذا البحث، وبهذا يمكن الجمع بين النصوص.

ومن الأمثلة لهذا الوجه تفضيل الذكر في حديث أبي الدرداء على سائر الأعمال، فقد ذكر ابن رجب على ما تقدم أن الذكر المفضل هنا هو الذكر الكثير المستدام، وهذا التفضيل هنا ليس باعتبار الجنس، بل باعتبار ما صاحب العمل من المداومة والكثرة وسيأتي مزيد تفصيل لهذا قريبا في فصل مستقل إن شاء الله. (١)

الطريق الثالث: أن تفضيل بعض الأعمال في النصوص كان يتنزل على بعض الأوقات دون بعض ويرجع هذا إلى سببين:

السبب الأول: أن بعض النصوص كانت قبل أن يستقر التشريع على ما هو عليه. ومن أمثلة هذا: تقديم الجهاد على الحج في حديث أبي هريرة على ما ذكره ابن رجب ضمن الأوجه المحتملة لتوجيه الحديث وأن ذلك حيث كان الجهاد فرض عين، والحج تطوعا، قال: فإن الصحيح أن فرض الجهاد تأخر إلى عام الوفود. (٢)

وبهذا وُجِّه أيضا ذكر الجهاد مقترنا بالإيمان في حديث أبي ذر، وأن ذلك قبل


(١) انظر الفصل الخامس ص: ١٠١ وما بعدها.
(٢) تقدم نقله ص: (٢٢).

<<  <   >  >>