للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النوافل بعد العلم، وأما الصلاة فهي أفضل من الجميع؛ لأنها واجبة، ولم يشر شيخ الإسلام هنا للذكر فدل على أنه يلي العلم والجهاد في المرتبة.

وقال الحافظ ابن رجب مقررا تفضيل العلم على الجهاد والذكر وعلى سائر النوافل: «ومما يدل على تفضيل العلم على جميع النوافل، أن العلم يجمع جميع فضائل الأعمال المتفرقة؛ فإن العلم أفضل أنواع الذكر كما سبق تقريره وهو أيضا أفضل أنواع الجهاد». (١)

والحاصل من كل هذا هو تفضيل العلم، ثم الجهاد، ثم الذكر في عامة أقوال أهل العلم والتحقيق.

وقد أجاب بعض أهل العلم عن حديث أبي الدرداء في تفضيل الذكر على سائر الأعمال وغيره من النصوص في هذا المعنى.

فقال ابن رجب: «النصوص التي جاءت بتفضيل الذكر على الجهاد وغيره من الأعمال، وأن الذاكرين لله هم أفضل الناس عند الله، فالمراد بذلك أهل الذكر الكثير، المستدام في أغلب الأوقات، وليس الذكر مما يقطع عن غيره من الأعمال كبقية الأعمال، بل يمكن اجتماع الذكر مع سائر الأعمال فمن عمل عملا صالحا، وكان أكثر لله ذكراً فيه من غيره، فهو أفضل ممن عمل مثل ذلك العمل من غير أن يذكر الله معه». (٢)

وقال ابن حجر: «إن المراد بذكر الله في حديث أبي الدرداء الذكر الكامل، وهو ما يجتمع فيه ذكر اللسان، والقلب بالتفكر والمعنى واستحضار عظمة الله تعالى، وأن الذي يحصل له ذلك يكون أفضل ممن يقاتل الكفار مثلا من غير استحضار لذلك، وأن أفضلية الجهاد إنما هي بالنسبة إلى ذكر اللسان المجرد، فمن اتفق له أنه جمع ذلك، كمن يذكر الله بلسانه، وقلبه، واستحضاره، وكل


(١) ورثة الأنبياء (ص: ١٠٣).
(٢) فتح الباري لابن رجب (٤/ ٢١٨).

<<  <   >  >>