للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والانقطاع في السير إلى الله.

وقد نبه الأئمة المحققون على خطورة الإنحراف في هذا الباب فكان مما اشتهر عنهم هذه المقولة: «من شغله الفرض عن النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور».

كما نبه بعضهم على أن الإنحراف في هذا الباب من كيد الشيطان وتلبيسه على العباد، وذلك أنه لماّ لم يظفر منهم بالتثبيط عن العمل شغلهم بالمفضول منه عن الفاضل.

قال الإمام ابن الجوزي في سياق ذكره تلبيس الشيطان على العباد: «فأول تلبيسه عليهم إيثارهم التعبد على العلم، والعلم أفضل من النوافل» (١)

وقال أيضا: «ومن الموسوسين من تصح له التكبيرة خلف الإمام وقد بقي من الركعة يسير فيستفتح ويستعيذ فيركع الإمام، وهذا تلبيس أيضا؛ لأن الذي شرع فيه من التعوذ والإستفتاح مسنون، والذي تركه من قراءة الفاتحة، وهو لازم للمأموم عند جماعة من العلماء، فلا ينبغي أن يقدم عليه سنة». (٢)

وقال : «وقد لبس إبليس على جماعة من المتعبدين فأكثروا من صلاة الليل، ومنهم من يسهره كله، ويفرح بقيام الليل، وصلاة الضحى أكثر مما يفرح بأداء الفرائض، ثم يقع قبيل صلاة الفجر فتفوته الفريضة، أو يقوم فيتهيأ لها فتفوته الجماعة، أو يصبح كسلان فلا يقدر على الكسب لعائلته». (٣)

وقال في تلبيس الشيطان على أهل الصيام: «وقد لبس على أقوام فحسن لهم الصوم الدائم، وذلك جائز إذا أفطر الإنسان الأيام المحرم صومها، إلا أن الآفة


(١) تلبيس إبليس (ص: ١٩٠).
(٢) تلبيس إبليس (ص: ١٩٧).
(٣) تلبيس إبليس (ص: ٢٠٠).

<<  <   >  >>