للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويشهد لهذا ما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة عن النبي أنه قال: «إذا أحسن أحدكم إسلامه، فكل حسنة يعملها، تكتب له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وكل سيئة يعملها تكتب له بمثلها». (١)

قال ابن رجب معلقا: «فالمضاعفة للحسنة بعشر أمثالها لابد منه؛ والزيادة على ذلك تكون بحسب إحسان الإسلام، وإخلاص النية، والحاجة إلى ذلك العمل وفضله». (٢)

ومما يدل على تفاضل الأعمال بحسب قوة الإخلاص فيها، ما جاءت به النصوص من تفضيل أعمال السر على العلانية، وذلك لما يصحب الأعمال السرية من قوة الإخلاص، والبعد عن الرياء والسمعة، ومصانعة المخلوقين.

قال تعالى: ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾. (٣)

قال ابن كثير في تفسير الآية: «فيه دلالة على أن إسرار الصدقة، أفضل من إظهارها؛ لأنه أبعد عن الرياء إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة». (٤)

وقال ابن القيم مبيناً الفوائد من إخفاء الصدقة: «وأما إيتاؤها الفقراء، ففي إخفائها من الفوائد: الستر عليه، وعدم تخجيله بين الناس، وإقامتِه مقام الفضيحة، وأن يرى الناس أن هذه هي اليد السفلى، وأنه لا شيء له فيزهدون في معاملته ومعاوضته، وهذا قدر زائد عن الإحسان إليه بمجرد الصدقة، مع تضمنه الإخلاص، وعدم المراءاة، وطلب المحمدة من الناس». (٥)

ومما جاء في فضل إخفاء الصدقة من السنة حديث أبي هريرة أن النبي


(١) صحيح البخاري مع الفتح (١/ ١٠٠) ح (٤٢)، وصحيح مسلم (١/ ١١٨) ح (١٢٩).
(٢) جامع العلوم والحكم (١/ ٢١٣).
(٣) سورة البقرة: من الآية ٢٧١.
(٤) تفسير ابن كثير (١/ ٧٠١).
(٥) طريق الهجرتين ص: (٣٧٦).

<<  <   >  >>