للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظلَّ إلا ظله» وذكر منهم: «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه». (١)

قال أبو العباس القرطبي في شرحه: «هذه صدقة التطوع في قول ابن عباس، وأكثر العلماء، وهو حض على الإخلاص في الأعمال، والتستر بها، ويستوي في ذلك جميع أعمال البر التطوعية». (٢)

وقال النووي : «وفي هذا الحديث فضل صدقة السر، قال العلماء: وهذا في صدقة التطوع؛ فالسر فيها أفضل؛ لأنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد من الرياء، وأما الزكاة الواجبة فإعلانها أفضل». (٣)

فدلت النصوص على فضل إخفاء الصدقة، وذلك لما في إخفائها من قوة الإخلاص والبعد عن الرياء كما نص على ذلك العلماء، فتضمن ذلك تفاضل الأعمال بحسب شدة الإخلاص وقوته.

والترغيب في إخفاء الصدقة في النصوص محمول على صدقة التطوع، أما الزكاة فإظهارها أفضل، كما تقدم في كلام الإمامين القرطبي والنووي، وهو قول ابن عباس وعليه أكثر أهل العلم بل نقل الطبري وغيره الإجماع على ذلك. (٤)

وقد ذهب بعض العلماء إلى طرد هذا الحكم في كل أعمال البر، وأن الأفضل في


(١) أخرجه البخاري. الصحيح مع الفتح (٢/ ١٤٣) ح (٦٦٠)، ومسلم (٢/ ٧١٥) ح (١٠٣١)، وفي رواية مسلم: ((حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله))، وذكر القاضي عياض أنه وهم جاء من الناقلين عن مسلم، ونقله النووي على سبيل المقرر له. وقطع ابن حجر أن الوهم ليس من مسلم ولا ممن دونه بل من شيخه أو شيخ شيخه يحيى القطان. انظر إكمال المعلم (٣/ ٥٦٣)، وشرح النووي لصحيح مسلم (٧/ ١٢٢)، وفتح الباري (٢/ ١٤٦).
(٢) المفهم (٣/ ٧٦).
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم (٧/ ١٢٢).
(٤) انظر تفسير الطبري (٣/ ٩٣)، وأحكام القرآن لابن العربي (١/ ٣١٥)، وفتح الباري لابن حجر (٣/ ٢٨٩).

<<  <   >  >>