للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واجباتها الإظهار، وفي نوافلها الإسرار، كما قرر هذا كل من القاضي عياض والقرطبي والنووي (١) رحمهم الله تعالى.

قلت: ويشهد لهذا فعل السلف؛ فإنهم كانوا يجتهدون في إخفاء أعمالهم ما أمكنهم ذلك، وذلك لما تقرر عندهما في إخفائها من كمال الإخلاص وعظم الأجر.

عن إبراهيم النخعي قال: «إن كانوا ليكرهون إذا اجتمعوا أن يخرج الرجل أحسن حديثه، أو أحسن ما عنده». (٢)

وعن الحسن البصري أنه قال: «إن كان الرجل لقد جمع القرآن وما يشعر به جاره، وإن كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزوار وما يشعرون به، ولقد أدركنا أقواما ما كان على ظهر الأرض من عمل يقدرون على أن يعملوه في سر فيكون علانية أبدا .. ». (٣)

وعن الأعمش قال: «بكى حذيفة في صلاته فلما فرغ التفت، فإذا رجل خلفه فقال: لا تعلمن بهذا أحدا». (٤)

وعن محمد بن واسع قال: «كان الرجل ليبكي عشرين سنة، ومعه امرأته لا تعلم به». (٥)

وعن بسطام بن حريث (٦) قال: «كان أيوب يرق، فيستدمع فيحب أن يخفي ذلك


(١) انظر إكمال المعلم (٣/ ٥٦٤)، والمفهم (٣/ ٧٦)، وشرح النووي على صحيح مسلم (٧/ ١٢٢).
(٢) أخرجه ابن المبارك في الزهد (١/ ١٩٥) رقم (١٢٨).
(٣) المصدر نفسه (١/ ١٩٥) رقم (١٢٩).
(٤) أخرجه الحسن الضراب في ذم الرياء ص: (١٧٥) رقم (٩٢).
(٥) المصدر نفسه ص: (١٧٦) رقم (٩٤).
(٦) بسطام بن حريث الأصفر أبو يحيى البصري ثقة من السابعة. تقريب التهذيب ص: (١٢٢).

<<  <   >  >>