للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أصحابه فيمسك على أنفه، كأنه رجل مزكوم، فإذا خشي أن تغلب عبرته قام». (١)

والآثار في هذا المعنى كثيرة جدا عن السلف.

ومما يدل على تفاضل الأعمال بالإخلاص والنية الصالحة، أن العامل إن نوى الخير ثم عجز عنه، أو عن إكماله، لموت أو عذر، كُتِب له أجر العامل، وهذا أصل عظيم من أصول الدين وقد دلت عليه كثير من النصوص.

قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾. (٢)

قال ابن كثير في تفسير الآية: «أي ومن خرج من منزله بنية الهجرة، فمات في أثناء الطريق فقد حصل له عند الله ثواب من هاجر». (٣)

وذكر الطبري أن هذه الآية نزلت في ضمرة بن العيص الخزاعي لما أُمروا بالهجرة كان مريضا، فأمر أهله أن يفرشوا له على سريره ويحملوه إلى رسول الله ، ففعلوا فأتاه الموت وهو بالتنعيم، فنزلت هذه الآية. (٤)

وفي معنى هذه الآية ما أخرجه البخاري من حديث أنس أن النبي قال في رجوعه من غزوة تبوك: «إن أقواما بالمدينة خلفنا ما سلكنا شعبا، ولا واديا، إلا وهم معنا فيه، حبسهم العذر». (٥)

قال ابن بطال: «هذا يدل أن من حبسه العذر من أعمال البر مع نيته فيها أنه


(١) أخرجه الضراب في ذم الرياء ص: (١٨٠) رقم (٩٩).
(٢) سورة النساء: من الآية ١٠٠.
(٣) تفسير ابن كثير (١/ ٣٩١).
(٤) انظر تفسير الطبري (٤/ ٢٤٠).
(٥) أخرجه البخاري. الصحيح مع الفتح (٦/ ٤٦) ح (٢٨٣٩)، وأخرجه مسلم (٣/ ١٥١٨) ح (١٩١١) من حديث جابر بن عبد الله بلفظ: ((إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم حبسهم المرض)).

<<  <   >  >>