للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكتب له أجر العامل فيها». (١)

وقال النووي: «وفي هذا الحديث فضيلة النية في الخير، وأن من نوى الغزو وغيره من الطاعات، فعرض له عذر منعه حصل له ثواب نيته، وأنه كلما أكثر التأسف على فوات ذلك وتمنى كونه مع الغزاة ونحوهم كثر ثوابه». (٢)

قلت: ولا شك أن هؤلاء القاعدين بسبب العذر، ما بلغوا ما بلغوا من الأجر ومشاركة المجاهدين في جهادهم إلا لقوة الإخلاص، وعظم النية في قلوبهم، ومما يدل على هذا وصف الله تعالى لبعض هؤلاء عند تأخرهم عن الخروج مع رسول الله في غزوة تبوك بسبب عدم النفقة بقوله: ﴿وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاّ يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ﴾. (٣)

فوصفهم بدمع العين، وحزن القلب على التخلف عن رسول الله، وهذا لا يحصل إلا مع قوة الإخلاص، وصدق النية في الخروج للجهاد، وفيه دلالة ظاهرة على تفاضل الأعمال بحسب الإخلاص وصدق النية.

وبهذا العرض للنصوص المفسرة بكلام أهل العلم، يتم تقرير هذه المسألة وهو أثر قوة الإخلاص في تفضيل العمل عند الله وزيادة أجره. والله تعالى أعلم.


(١) شرح صحيح البخاري لابن بطال (٥/ ٤٨).
(٢) شرح صحيح مسلم (١٣/ ٥٧).
(٣) سورة التوبة: ٩٢.

<<  <   >  >>